باب القول فيما يفسد الصيام وفيما لا يفسده وفيما يلزم فيه الفدية
  قيل له: يحتمل أن يكون النبي ÷ قال ذلك في حاجم ومحتجم(١) بعينهما، ويكون ذكر الحجامة للتعريف لا لتعلق الحكم بها، كما قال(٢): للراكب، والجالس، وما جرى مجراه. وكما روي عنه ÷ أنه قال: «ولد الزنا شر الثلاثة»(٣)، وهذا للتعريف، لا لأن كونه ولد زنا(٤) يوجب أن يكون شر الثلاثة، وكذلك الحاجم والمحجوم يحتمل أن يكون وقع منهما ما أوجب الإفطار فقال: «أفطر الحاجم والمحجوم».
  وقد قيل: إنهما كانا يغتابان، فقال ÷ فيهما ذلك، رواه الطحاوي يرفعه إلى أبي الأشعث الصنعاني(٥).
  وروى أبو بكر الجصاص في شرحه بإسناده ما دل على أنه منسوخ، وذلك أنه قال: مر رسول الله ÷ صبيحة ثماني عشرة من رمضان برجل وهو يحتجم، فقال: «أفطر الحاجم والمحجوم»، [ثم أتاه رجل بعد ذلك فسأله عن الحجامة في شهر رمضان](٦) فقال: «إذا تَبَيَّغ(٧) بأحدكم الدم فليحتجم».
  وروى عن أبان بن أبي عياش، عن أنس، أن النبي ÷ قال: «أفطر الحاجم والمحجوم» فشكا [إليه] الناس الدم فرخص للصائم أن يحتجم(٨).
  فإن قيل: وقوع الرخصة للعذر لا يوجب سقوط القضاء وأن الصوم لم يفسد.
  قيل له: إطلاقه القول بأنه ÷ رخص للصائم أن يحتجم من غير ذكر
(١) في (ب، د): ومحجوم.
(٢) ظنن في هامش (ب، د) بـ: يقال.
(٣) أخرجه أبو داود (٣/ ٢٩)، وأحمد في المسند (١٣/ ٤٦٢).
(٤) في (أ، ب، ج): الزنا.
(٥) شرح معاني الآثار (٢/ ٩٩).
(٦) ما بين المعقوفين من شرح مختصر الطحاوي (٢/ ٤٣٥).
(٧) تبيغ به الدم: هاج به، وذلك حين تظهر حمرته في البدن. (لسان).
(٨) شرح مختصر الطحاوي (٢/ ٤٣٦).