شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يفسد الصيام وفيما لا يفسده وفيما يلزم فيه الفدية

صفحة 288 - الجزء 2

  قيل له: يحتمل أن يكون النبي ÷ قال ذلك في حاجم ومحتجم⁣(⁣١) بعينهما، ويكون ذكر الحجامة للتعريف لا لتعلق الحكم بها، كما قال⁣(⁣٢): للراكب، والجالس، وما جرى مجراه. وكما روي عنه ÷ أنه قال: «ولد الزنا شر الثلاثة»⁣(⁣٣)، وهذا للتعريف، لا لأن كونه ولد زنا⁣(⁣٤) يوجب أن يكون شر الثلاثة، وكذلك الحاجم والمحجوم يحتمل أن يكون وقع منهما ما أوجب الإفطار فقال: «أفطر الحاجم والمحجوم».

  وقد قيل: إنهما كانا يغتابان، فقال ÷ فيهما ذلك، رواه الطحاوي يرفعه إلى أبي الأشعث الصنعاني⁣(⁣٥).

  وروى أبو بكر الجصاص في شرحه بإسناده ما دل على أنه منسوخ، وذلك أنه قال: مر رسول الله ÷ صبيحة ثماني عشرة من رمضان برجل وهو يحتجم، فقال: «أفطر الحاجم والمحجوم»، [ثم أتاه رجل بعد ذلك فسأله عن الحجامة في شهر رمضان]⁣(⁣٦) فقال: «إذا تَبَيَّغ⁣(⁣٧) بأحدكم الدم فليحتجم».

  وروى عن أبان بن أبي عياش، عن أنس، أن النبي ÷ قال: «أفطر الحاجم والمحجوم» فشكا [إليه] الناس الدم فرخص للصائم أن يحتجم⁣(⁣٨).

  فإن قيل: وقوع الرخصة للعذر لا يوجب سقوط القضاء وأن الصوم لم يفسد.

  قيل له: إطلاقه القول بأنه ÷ رخص للصائم أن يحتجم من غير ذكر


(١) في (ب، د): ومحجوم.

(٢) ظنن في هامش (ب، د) بـ: يقال.

(٣) أخرجه أبو داود (٣/ ٢٩)، وأحمد في المسند (١٣/ ٤٦٢).

(٤) في (أ، ب، ج): الزنا.

(٥) شرح معاني الآثار (٢/ ٩٩).

(٦) ما بين المعقوفين من شرح مختصر الطحاوي (٢/ ٤٣٥).

(٧) تبيغ به الدم: هاج به، وذلك حين تظهر حمرته في البدن. (لسان).

(٨) شرح مختصر الطحاوي (٢/ ٤٣٦).