شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يفسد الصيام وفيما لا يفسده وفيما يلزم فيه الفدية

صفحة 294 - الجزء 2

  إيجاب القضاء على من تعمد ذلك منصوص عليه في الأحكام والمنتخب⁣(⁣١).

  ونص في المنتخب على أن من دخل شيء من ذلك حلقه من غير تعمد فلا قضاء عليه، ودل كلامه في الأحكام على ذلك.

  وتحصيل المذهب في ذلك أن حكم هذه الأشياء حكم غيرها من الطعام والشراب، فإن تعمد الصائم ابتلاع شيء من ذلك ذاكراً للصوم فسد صومه، وعليه القضاء والتوبة، وإن تعمد ابتلاعه ناسياً للصوم فسد صومه، ولزمه القضاء، ولا توبة عليه، وإن سبق شيء منه إلى حلقه وصار إلى جوفه من غير اختيار الصائم له أو لسببه لم يفسد صومه.

  ووجه ما ذكرنا من أنه إذا تعمد فسد صومه: أنه مأمور بالإمساك، فإذا ابتلع شيئاً من ذلك لم يكن ممسكاً، وإذا لم يكن ممسكاً لم يكن صائماً، وإذا لم يكن صائماً كان مفطراً ولزمه القضاء.

  وهو قياس على الطعام والشراب؛ بعلة أنه واصل إلى الجوف من مجرى الطعام والشراب بفعل الصائم، فوجب أن يفسد الصوم.

  ووجه ما قلناه من أن الناسي للصوم فيه كالذاكر في فساد الصوم ما مضى في مسألة الآكل ناسياً.

  وقلنا: إن شيئاً منه لو دخل إلى جوفه من غير اختيار منه ولا فعلٍ من قبله، كنحو أن يكون نائماً مفتوح الفم، أو يفتح فمه في حال اليقظة غير قاصد به إلى تناول شيء فيقع شيء منه في فيه حتى يصل إلى جوفه: إنه لا يفسد صومه، قياساً على الغبار والذباب، والمعنى أنه وصل إلى جوفه بغير اختيار كان منه له أو لسببه.


(١) الأحكام (١/ ٢٣٥)، والمنتخب (١٨٠).