شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يفسد الصيام وفيما لا يفسده وفيما يلزم فيه الفدية

صفحة 293 - الجزء 2

  قيل له: خبركم لا ذكر فيه للمختلف فيه، ولا بد من ضمير فيه، فصار استعمالنا أولى من استعمالكم.

  فإن قيل: روى معدان بن طلحة أن أبا الدرداء حدثه، أن رسول الله ÷ قاء فأفطر، قال: فلقيت ثوبان مولى رسول الله ÷ في مسجد دمشق فذكرت له ذلك، فقال: صدق، أنا صببت له وضوءه⁣(⁣١).

  قيل له: ليس في الحديث ما يدل على أنه ÷ صار مفطراً بالقيء، ولا يمتنع أن يكون قاء ثم ضعف فأفطر، وهذا كما يقال: فلان سافر فأفطر، ومرض فأفطر، يراد أنه اختار الفطر عند هذه الأمور، فكذلك ما روي أنه ÷ قاء فأفطر.

  ويقاس على ما يخرج من البدن من الدم واللبن ونحوهما، والمعنى: أنه خارج من البدن لا يوجب الغسل، فوجب ألا يفسد الصوم.

  ويقاس أيضاً على ما ذكرناه من الأصل بعلة أنه خارج من البدن لا عن شهوة، فوجب أن يستوي خروجه ابتداءً واستدعاء، ويقاس على ما يخرج منه ابتداء بعلة أنه قيء، فوجب ألا يفسد الصوم.

  ووجه ما ذكرنا من أنه إذا رجع منه شيء إلى الجوف بعدما صار إلى الفم يفسد الصوم هو أنه كسائر ما يدخل حلقه مع اختيار سببه في أنه يفسد الصوم، ولا يكون سبيله سبيل البزاق؛ لأن البزاق مما لا يمكن الاحتراز منه، فصار عفواً.

مسألة: [في الصائم إذا ابتلع ما لا يؤكل]

  قال: ومن ابتلع ديناراً أو درهماً أو فلساً أو زجاجاً أو حصى أو غير ذلك متعمداً أفسد صومه، وعليه القضاء والتوبة، وإن دخل شيء من ذلك حلقه من غير تعمد لم يفسد صومه.


(١) أخرجه الترمذي (١/ ١٤٥)، وأبو داود (٢/ ١٧٩، ١٨٠).