كتاب الصوم
  وأقوى ما في هذا أنه مروي عن ابن عباس وأبي هريرة، روى ذلك عنهما ابن أبي شيبة.
  ويروى عن الحسن بن علي @، وقيل: عن ابن عمر، ولا يحفظ عن أحد من الصحابة خلافه، فجرى ذلك مجرى الإجماع.
  وجعل الإطعام نصف صاع لما في حديث زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ أن شيخاً كبيراً أتى إلى النبي ÷ فقال: يا رسول الله: هذا شهر مفروض، ولا أطيق الصيام، فقال: «اذهب فتصدق عن كل يوم بنصف صاع للمساكين».
  وروي عن ابن عمر أن النبي ÷ قال: «من مات وعليه صوم من شهر رمضان فإن وليه يطعم عنه نصف صاع من بر»(١).
  ولأن ذلك القدر هو الذي يُتَقَوَّت به غالباً.
  ووجه رواية المنتخب براءة الذمة، ولا دليل على إيجاب الفدية، وقوله تعالى: {وَعَلَي اَ۬لذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدْيَةُ}[البقرة: ١٨٣] قيل: إنه منسوخ، وقيل: إنه في الشيخ الهرم إذا لم يطق الصيام وأطاق الإطعام.
  وما قيل: إن وقت القضاء يتضيق في شبعان لا دليل عليه، وإنما أخبرت عائشة عن فعلها واختيارها، وحكم القضاء قبل دخول شهر رمضان وبعده على أمر واحد، ولا خلاف في أن من قضى ما فاته قبل دخول شهر رمضان آخر لم يلزمه الفدية، فكذلك من قضاه بعد ذلك، والمعنى أنه قضى ما فاته من الصوم. ولا خلاف أن من فاتته صلاة فقضاها في أي وقت كان فليس عليه شيء سواه، فكذلك الصوم، والمعنى أن كل واحد منهما فرض يتكرر ابتداء.
  وجملة الأمر أن الإجماع إن حصل على رواية الأحكام فهي أولى، وإلا فرواية المنتخب أقوى.
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٤٢٤).