شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصوم

صفحة 300 - الجزء 2

  ولا خلاف أن من دخل في الحج وأحصر وتحلل [منه]⁣(⁣١) أن عليه الفدية مع القضاء، فكذلك من عليه صوم رمضان ثم لم يقضه حتى دخل عليه رمضان آخر، والمعنى أنه عبادة يدخل في جبرانها المال بتأخرها⁣(⁣٢) عن وقتها المخصوص.

  فإن قيل: لسنا نسلم أن لقضائه وقتاً محصوراً يتضيق.

  قيل له: ندل على ذلك، ولا يمتنع القياس بوصف مدلول عليه، كما لا يمتنع بوصف متفق عليه، والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَيٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَۖ}⁣[البقرة: ١٨٤]، فاقتضى قوله تعالى: {فَعِدَّةٞ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَۖ}⁣[البقرة: ١٨٤] إيجاب القضاء عقيب الإفطار لوجهين: أحدهما: أنه بمعنى الأمر، والأمر على الفور.

  والثاني: أنه قال: {فَعِدَّةٞ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَۖ}⁣[البقرة: ١٨٤]، والفاء توجب التعقيب، فلما أجمعوا أن له تأخير القضاء إلى أن يدخل⁣(⁣٣) شهر رمضان من قابل قلنا به، وبقي ما بعده على حكم الفوات.

  وروي عن عائشة أنها قالت: «كان يكون عليَّ القضاء من رمضان فلا أقضيه حتى يدخل شعبان؛ اشتغالاً برسول الله ÷»⁣(⁣٤). ففيه دليل على أن شعبان آخر وقت القضاء، فإنها⁣(⁣٥) أخبرت بذلك بعلم⁣(⁣٦) رسول الله ÷ بقولها: كنت أفعل ذلك اشتغالاً برسول الله ÷، ومثل هذا⁣(⁣٧) لا يخفى عليه.


(١) ما بين المعقوفين من (ب، د).

(٢) - في (أ، ب، د): فتأخر.

(٣) أي: يشارف الدخول، وهو أن لا يبقى إلا ما يسع المضي. (من هامش ب).

(٤) أخرجه البخار ي (٣/ ٣٥)، ومسلم (٢/ ٨٠٢).

(٥) في (أ، ب): وأنها.

(٦) في (أ): فيعلم.

(٧) في (أ): ذلك.