شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صيام النذور والظهار وقتل الخطأ

صفحة 310 - الجزء 2

مسألة: [فيما يلزم من نذر بصيام العيدين أو اعتكافهما]

  قال: وكذلك إن قال: لله عليَّ أن أصوم يوم الفطر أو يوم النحر أفطرهما وقضاهما، وكذلك إن قال: لله عليَّ أن أعتكفهما.

  نص في المنتخب⁣(⁣١) على أن من قال: لله عليَّ أن أصوم يوم الفطر أو يوم النحر يفطرهما ويقضيهما.

  ونص في الأحكام⁣(⁣٢) على أن من أوجب على نفسه اعتكاف يوم الفطر يفطره ويعتكف بعده. فقلنا ذلك في يوم النحر.

  والأصل فيه: قول الله تعالى: {يَٰأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِۖ ١}⁣[المائدة]، وقوله تعالى: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاٗ فِے قُلُوبِهِمْ ...} الآية [التوبة: ٧٨]، فذم الذين يخلفون بما وعدوا، فوجب أن يكون الخلف كله مذموماً، إلا ما منع منه الدليل.

  وقوله ÷ لعمر: «أوف بنذرك»، فأوجب الوفاء بالنذر، فكذلك إذا نذر صوم يوم الفطر أو يوم النحر.

  فإن قيل: لا نذر في معصية.

  قيل له: كذلك نقول: إن نذره قد انطوى على قربة ومحظور، فألزمناه القربة، وأسقطنا عنه المحظور؛ لأن الصوم قربة، وإيقاعه في يوم الفطر ويوم النحر محظور، فألزمناه الصوم، ومنعنا إيقاعه في الزمان المحظور فيه، فنكون قد استعملنا الظواهر كلها.

  ومما يدل على ذلك: أنه لا خلاف فيمن قال: لله علي أن أصوم يوماً أو يوم الخميس أو يوم كذا فإنه يلزمه نذره، فكذلك إذا قال: لله علي أن أصوم يوم الفطر أو يوم النحر، والمعنى أنه نذر صوم يوم يصح الصوم فيه.

  فإن قيل: لم قلتم: إن الصوم فيه يصح؟


(١) المنتخب (١٧٨).

(٢) الأحكام (١/ ٢٤٧).