شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصوم

صفحة 314 - الجزء 2

  عليه مع التمكن من الماء وبقاء حكم الأصل، كما لم يجزه الابتداء، فكذلك الصيام الذي هو بدل من العتق، لما لم يجزه الابتداء به لم يجزه البناء عليه مع التمكن من المبدل وبقاء حكم الأصل.

  ويمكن أن يقاس بهذه العلة على القعود الذي هو بدل من القيام في الصلاة للمعذور.

  ويمكن أن يقاس على الاعتداد بالشهور للتي لم تَحِضْ إذا حاضت قبل استكمال العدة بالشهور.

  فإن قيل: المتمتع إذا لم يجد الهدي وصام ثلاثة أيام في الحج إذا وجد الهدي لم يلزمه الهدي.

  قيل له: نحن نوجب عليه الهدي إذا وجده في أيام الذبح، وإنما لم نوجب الهدي عليه بعد أيام الذبح لأنه في الحكم مستكمل للكفارة؛ لأنه لم يبق عليه حكم ترفعه الكفارة، ألا ترى أن الإحلال قد جاز له؟ وليس كذلك سائر ما ذكرناه؛ لأن حكم الأصل باقٍ في جميعه، ألا ترى أن المتيمم حكم الحدث باقٍ عليه ما لم يستكمل الصلاة، والمعتدة بالشهور حكم المنع من التزويج⁣(⁣١) باق عليها ما لم تستكمل العدة، وليس كذلك من صام ثلاثة أيام ومضت أيام الذبح؛ لأن التحلل جاز له، فلم يبق عليه حكم الأصل، فكانت الكفارة مستكملة حكماً. على أن أيام الذبح إن فاتت فالذبح إن فعل كان قضاءً لا أداء، فهو في حكم من لم يجد البدل⁣(⁣٢).

  فإن قاسوا من صام بعض الشهرين على من استكملهما بسقوط فرض العتق عنه؛ بعلة أنه قد صام عن كفارته مع عدم الرقبة - كانت هذه العلة غير مؤثرة؛ لأن من استكمل شهرين فقد استكمل الكفارة ولم يبق عليه حكم الأصل، وهو


(١) في (ب): التزوج.

(٢) ظنن في هامش (ج) بـ: المبدل منه.