شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صيام النذور والظهار وقتل الخطأ

صفحة 313 - الجزء 2

  وخالف الشافعي في ذلك فقال: إذا دخل في الصوم لم يلزمه العتق وإن أمكن.

  والأصل فيه قول الله تعالى: {فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوّٖ لَّكُمْ وَهْوَ مُؤْمِنٞ ...} الآية [النساء: ٩١]، وقوله تعالى: {وَالذِينَ يَظَّهَّرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٖ ...} الآية [المجادلة: ٣]، فأجاز تعالى له العدول إلى الصيام بشرط ألا يجد الرقبة، وأجاز العدول إلى الإطعام في كفارة الظهار بشرط ألا يستطيع الصيام، فمن وجد السبيل إلى الرقبة لم يجزه الصيام، ومن أمكنه الصيام لم يجزه الإطعام، فوجب أن يكون من وجد الرقبة وقد صام بعض الشهرين ألا يجزيه ما بقي من الصيام، وإذا لم يجزه باقيه لم يجزه ماضيه؛ لأن بعضه معلق ببعض.

  فإن قيل: لا يخلو فرض الرقبة من أن يكون قائماً عليه قبل الدخول فقط أو يكون قائماً عليه قبل الدخول وبعده، فإن كان قائماً عليه قبل الدخول فقط فقد وجب سقوطه بالدخول في الصيام، وإن كان قائماً عليه قبل الدخول وبعده فالواجب ألا يتناهى صومه؛ لأنه كلما مضى يوم وعدم الرقبة وجب أن يلزم صوم شهرين.

  قيل له: فرض الرقبة ساقط عنه مع عجزه عنه سواء دخل في الصيام أو لم يدخل؛ لأنه لا يجوز بقاء الفرض على الإنسان مع عجزه عنه، لكنه متى وجدها عاد الفرض عليه ما لم يخرج من الكفارة؛ ألا ترى أن المحدث إذا لزمته الصلاة لزمه فرض الطهارة، ثم إن عجز عنها سقط فرضها، ومتى قدر عليها عاد عليه فرضها، فكذلك فرض الرقبة.

  ولا خلاف أن الابتداء بالصوم لا يجزئه عن كفارته إذا كان واجداً للسبيل إلى الرقبة، فكذلك البناء على الصوم، والمعنى أنه مظاهر واجد للسبيل إلى الرقبة، فوجب ألا يجزئه أن يصوم عن كفارته.

  ويدل على ذلك أيضاً أن التيمم لما كان بدلاً عن الطهارة بالماء لم يجز البناء