كتاب الصوم
  قيل له: لم يقل أحد بذلك، فوجب سقوطه على أن الشافعي - وهو المخالف في هذه المسألة - يُجَوِّز اعتكاف أقل من يوم، ويجوز ألا يكون فيه منتظراً للصلاة(١).
  فإن قيل: لو كان الصوم شرطاً فيه لوجب ألا يصح الاعتكاف ليلاً.
  قيل له: يدخل فيه على سبيل التبع(٢) بحصول التتابع، ألا ترى أن المعتكف قد جُوز له الخروج من المسجد لحاجة لا بد منها، وهذا لا يدل على أن اللبث في المسجد ليس شرطاً في صحته، وكذلك المبيت بمنى يكون قربة لما(٣) يتعلق على الإنسان من حكم الرمي، ولا رمي بالليل، فيدخل الليل تبعاً.
  فإن قيل: لو كان الصوم شرطاً فيه لما صح أن يدخل في رمضان؛ لأن صوم رمضان لا يقع عن غيره.
  قيل له: نحن لا نوجب عليه صوماً مستأنفاً للاعتكاف، وإنما نقول: إن المعتكف لا يكون معتكفاً إلا أن يكون صائماً، فإذا حصل صائماً من أي وجه كان صومه صح اعتكافه، وهذا كما نقول: إن من تطهر للصلاة(٤) جاز له أن يصلي غيرها، ولم يمنع ذلك من كون الطهارة شرطاً في صحة الصلاة، وكذلك نقول: إن الإحرام شرط لجواز دخول مكة، وهذا لا يوجب له إحراماً مجدداً، بل إذا كان محرماً لأي شيء كان - من حجة أو عمرة أو حجة الإسلام أو حجة نذر - جاز له ذلك، وكذلك الصوم في الاعتكاف.
  واشترطنا اعتزال النساء ما دام معتكفاً ليلاً ونهاراً - والمراد به المجامعة وما جرى مجراها - لقوله تعالى: {وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَٰكِفُونَ فِے اِ۬لْمَسَٰجِدِۖ}[البقرة: ١٨٦]، على أنه لا خلاف في ذلك.
(١) في (أ): ويجوز أن يكون منتظراً للصلاة.
(٢) في (د) ونسخة في (أ): التوسع.
(٣) في (ج): بما.
(٤) في (ب، ج): لصلاةٍ.