باب القول في كيفية وجوب الحج وذكر فروضه
  فتابعوا بينهما»(١).
  وأخبرنا أبو الحسين البَرُوْجَرْدِي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الدِيْنَوَرِي، قال: حدثنا عبدالله بن أحمد بن أبي مرة، قال: حدثنا عثمان بن اليمان، عن زمعة بن صالح، عن ابن طاووس، قال: سمعت عكرمة بن خالد يحدث طاووساً أنه سمع عبدالله بن عمرو بن العاص يحدث عن النبي ÷ قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم شهر رمضان».
  وروي عن النبي ÷ أنه قال: «حجوا قبل ألا تحجوا»(٢).
  فكل ذلك يدل على الأمر به والإيجاب، والأمر يقتضي الفور، فوجب ألا يجوز تأخير الحج.
  فإن قيل: فلم قلتم: إن الأمر على الفور والبدار دون أن تقولوا: على التراخي؟
  قيل له: لأن الأمر قد ثبت أنه يقتضي الإيجاب، فلو قلنا: إن للمأمور أن يفعل المأمور به وألا يفعل، وجعلنا له(٣) التخيير بين فعله وتركه عقيب الأمر - كنا قد أخرجناه من أن يكون واجباً، وألحقناه بالمباح أو النفل، وفي هذا أن ورود الأمر وألا يرد سواء في أنه لا يقتضي الإيجاب، وفي هذا صرف الأمر عن جهته، وفساد ذلك يقتضي أن الأمر يقتضي البدار.
  فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون الأمر لا يقتضي تعجيل فعل المأمور به، ومع هذا لا يجب أن يصير في حكم الإباحة ولا في حكم الندب؟ لأن المباح هو ما
(١) مجموع الإمام زيد # (١٥٦)، وأمالي أحمد بن عيسى (٢/ ٣٥٠، ٣٥١).
(٢) أخرجه الدارقطني في السنن (٣/ ٣٧٧)، والحاكم في المستدرك (١/ ٦١٧)، والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٥٥٦).
(٣) «له» ساقط من (د).