شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الحج

صفحة 344 - الجزء 2

  يكون الإنسان مخيراً بين أن يفعله وألا يفعله على الإطلاق، ونحن نخير المأمور بالفعل بين أن يفعله وأن لا يفعله في ذلك الوقت⁣(⁣١).

  [قيل له: لو قلنا: إن له تركه إلى وقت آخر لخيرناه أيضاً في ذلك الوقت بين فعله وتركه، فقد أخرجناه عن أن يكون ذلك واجباً عليه]⁣(⁣٢)، وهذا هو صورة المباح في ذلك الوقت.

  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إنه لا يكون بصورة المباح ولا النفل؛ لأن المأمور مخير بين فعله وفعل بدله في ذلك الوقت، وهو العزم على فعله في الثاني أو ما بعده، كما تقولون: إن كفارات اليمين تكون واجبة على البدل؟

  قيل له: إنما قلنا في كفارات اليمين: إنها واجبة على البدل لأن النص ورد به، وههنا لا سبيل إلى إثبات العزم بدلاً منه؛ لأن السمع لم يرد به، وإذا لم يجز إثباته بدلاً منه عاد الأمر إلى ما قلناه بدئاً من أن الواجب يصير بصفة المباح أو المندوب.

  فإن قيل: إنه لا يصير بصفة المباح؛ لأن المباح هو ما يستوي فعله وتركه، ونحن لا نقول ذلك في المأمور به عقيب الأمر، بل نقول: إنه إذا فعله استحق الثواب.

  قيل له: كان غرضنا أن نبين أن الفعل المأمور به على أوضاعكم خارج عن حد الوجوب، ولم يكن الغرض أن نثبت أنه على التحقيق يكون مباحاً، وأكثر ما في هذا الذي أوردتموه أن يكون بصورة التطوع، وهذا لا يعصم⁣(⁣٣) من فساد مذهبكم.

  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إن الواجب على ضربين: مخير فيه، ومضيق، فإذا ثبت ذلك احتاج التضيق⁣(⁣٤) إلى الدليل؟

  قيل له: قد قدمنا نحن في دليلنا أن الإيجاب يقتضي التضييق، فصار التخيير


(١) في (ب): بين أن يفعله في ذلك الوقت أو أن لا يفعله فيه.

(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).

(٣) في (أ، ب، ج): يعصمه.

(٤) في (ب، ج، د): التضييق.