كتاب الحج
  وأخبرنا أبو الحسين، قال: حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن شجاع، قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن المسور ومروان: أن النبي ÷ عام الحديبية قلد الهدي وأشعر وأحرم.
  ويدل على أن التقليد نسك قول الله تعالى: {لَا تُحِلُّواْ شَعَٰٓئِرَ اَ۬للَّهِ}[المائدة: ٣]، إلى قوله: {وَلَا اَ۬لْهَدْيَ وَلَا اَ۬لْقَلَٰٓئِدَ}[المائدة: ٣].
  والتجليل(١) وجهه ما روى أبو داود في السنن يرفعه إلى عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن علي # قال: (أمرني رسول الله ÷ أن أقوم على بدنه، وأقسم جلودها وجلالها)(٢) فدل على أنها كانت مجللة، وأن الجلال كانت في حكمها في تعلق النسك بها.
  وكره أبو حنيفة الإشعار، وقال: إنه منسوخ بما ثبت من النهي عن المثلة، ولأنه قياس على سائر البدن التي للجزاء والكفارة؛ لأنها لا تشعر.
  وذلك غير صحيح؛ لأن المثلة هو الفعل الذي يقع على وجه العبث أو شفاء الغيظ، ألا ترى أن قطع اليد والرجل وفقء العين وقطع الأذن من أعظم المثل، ثم السارق تقطع يده، وقاطع الطريق تقطع يده ورجله من خلاف، وتفقأ العين وتقطع الأذن على وجه القصاص، ولا يكون شيء من ذلك بمثلة؟ فكذلك إشعار البُدْنَ؛ لأنه مفعول على وجه التأسي بالنبي ÷، ولا يقصد به العبث وشفاء الغيظ، فلا يجب أن يكون مثلة، وأما قياسهم فمدفوع بالنص، وكل قياس يدفع(٣) النص فهو باطل ولا معنى له.
(١) في (أ، ب، د): والتقليد. وظنن فيها بـ: والتجليل.
(٢) سنن أبي داود (٢/ ١٤).
(٣) في (ج، د): يرفع.