شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الدخول في الحج والعمرة

صفحة 368 - الجزء 2

  واستحببنا أن ينطق بما ينعقد به الإحرام⁣(⁣١) لما روي أن النبي ÷ نطق بما أهل به، وليكون ذلك أقرب إلى أن تواطئ النية الإهلال.

  فأما سوق البدنة للقارن فقد قال أبو العباس الحسني: إنه إن قرن جاهلاً ولم يسق نحر بدنة بمنى، وحكى نحوه عن محمد بن يحيى #، ولم يذكر إيجاب دم لترك السوق، فاقتضى تحصيل المذهب أن يكون السوق للقارن مستحباً؛ لأنه لو كان شرطاً في صحة الإحرام للقران لكان الإحرام لا ينعقد مع تركه جاهلاً أو عالماً؛ لأن ما يكون شرطاً في صحته لا ينفصل بين أن يترك مع العلم أو الجهل. ولا يجب أن يكون نسكاً واجباً؛ لأن النسك الواجب إذا ترك وجب جبره بإراقة دم، ولم يذكر إيجاب الدم على من ترك السوق جاهلاً، فجعل المذهب أنه مؤكد في باب الاستحباب.

  والأصل فيه ما روي عن النبي ÷ أنه قرن وساق⁣(⁣٢).

  وروى ابن أبي حاتم في كتاب المناسك عن عطاء أن ابن عباس كان يأمر القارن أن يجعلها عمرة إذا لم يسق.

  وروى في هذا الكتاب عن إسحاق بن راهويه أنه قال: مضت السنة عن النبي ÷ في القران بالسوق، والتمتع لمن لا يقدر على السوق.

  وروى عنه عن مجاهد والزهري أنهم كانوا لا يرون القران إلا بسوق.

  وقد روي نحوه عن علي بن الحسين ومحمد بن علي $.

  وأما الإشعار والتقليد فالأصل فيه: ما أخبرني به أبو الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن اليمان، قال: حدثنا محمد بن شجاع، قال: حدثنا أبو قطن، عن هشام الدستوائي، عن أبي قتادة، عن أبي حسان، عن ابن عباس: أن النبي ÷ أشعر في الجانب الأيمن وساق.


(١) في (ب، ج): بما ينعقد الإحرام به.

(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ٢٣)، والنسائي (٥/ ١٤٨).