شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الدخول في الحج والعمرة

صفحة 385 - الجزء 2

  قالوا: لا يمتنع أن يقال: وجوب ذلك لهم، ويراد عليهم، كما يقال: وجوب الحج للأغنياء، ولزوم الحج للمطيقين، ونحوه. وأيضاً فإن المكي قياس على غيره في أنه يصح له أن يعقد الإحرام بالحج بعد العمرة في أشهر الحج، بمعنى أنه ممن يصح أن يخاطب بالحج. على أن صحة إحرامه لا يخالف فيه أبو حنيفة، وإنما يخالف في أنه يكون مسيئاً، والإساءة لا دليل عليها. وهذا القياس يمكن أن يجعل قياساً على نفي الإساءة.

  فإن قيل: كيف تقولون ذلك وقد قال يحيى # في الأحكام⁣(⁣١) بعد هذه المسألة: وحكمه حكم أهل مكة، وليس هو من المتمتعين؟

  قيل له: مراده أنه ليس من المتمتعين الذين يلزمهم الهدي، فقد بين ذلك في آخر المسألة.

مسألة: [في المعتمر في غير أشهر الحج يخرج إلى ميقات بلده ثم يحرم بعمرة فيها]

  قال: فإن خرج هذا الرجل إلى ميقات بلده فجاوزه ثم عاود محرماً بعمرة، أو عاد وأحرم بها بمكة أو فيما بين ذلك - صار من المتمتعين ولزمه الدم.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٢).

  قال أبو حنيفة: لا يكون متمتعاً إلا أن يرجع إلى أهله، وقال أبو يوسف ومحمد: مثل قولنا.

  ووجه ما ذهبنا إليه قول الله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي اَ۬لْحَجِّ فَمَا اَ۪سْتَيْسَرَ مِنَ اَ۬لْهَدْيِۖ}⁣[البقرة: ١٩٥]، وهو قد حصلت له العمرة والحج في أشهر الحج، فاقتضى الظاهر أنه متمتع، وأنه يلزمه الدم.

  ويدل على ذلك قوله تعالى: {ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُۥ حَاضِرِے اِ۬لْمَسْجِدِ اِ۬لْحَرَامِۖ}⁣[البقرة: ١٩٥]، وهذا أهله غير حاضري المسجد الحرام، فوجب أن يكون


(١) الأحكام (١/ ٢٨٤).

(٢) الأحكام (١/ ٢٨٤).