شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الدخول في الحج والعمرة

صفحة 386 - الجزء 2

  متمتعاً، وأن يلزمه الدم. وأيضاً لا خلاف أنه لو لم يكن بمكة فاعتمر من الميقات في أشهر الحج ثم حج لكان حكمه حكم المتمتع، فكذلك وإن حصل بمكة، والعلة أنه اعتمر من الميقات في أشهر الحج ثم حج سنته.

  ولا يخالفنا أبو حنيفة في أنه لو كان رجع إلى أهله ثم عاد لكان متمتعاً، فكذلك إذا جاوز الميقات ثم عاد قياساً عليه؛ بعلة أنه قد أنشأ العمرة من الميقات، فاعتبار الميقات في هذا الباب أولى من اعتبار الوطن؛ لأن تأثير الميقات في الحج والعمرة أوكد من تأثير الوطن، فالاعتبار به أولى من الاعتبار بالوطن؛ لأن تعلق أحكام الإحرام به أقوى.

مسألة: [في إدخال العمرة على الحج]

  قال: ومن جهل فأهل بعمرة وهو محرم بحجة رفض العمرة، وقضاها بعد الحج، وعليه لرفضها دم.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب⁣(⁣١).

  إدخال العمرة على الحج مكروه على ما ذكره يحيى # من قوله: من جهل فأهل، وقال أيضاً في آخر هذه المسألة: العمرة لا تدخل على الحج، فلم يكن لهذا الكلام - مع تنصيصه على انعقادها - وجه إلا الكراهة.

  فأما مالك فإنه يذهب إلى أنها لا تنعقد.

  والذي يدل على أنها تنعقد ما قدمناه من الكلام في الإهلال بحجتين أو عمرتين من أن الإحرام بهما يصح، وتعذر المضي في إحداهما لا يمنع صحة انعقاده على ما بيناه. ولا خلاف أن إدخال الحج على العمرة صحيح، فوجب أن يصح إدخال العمرة على الحج؛ لأنهما نسكان يصح الجمع بينهما، أو يقال: يصح إدخال إحداهما على الأخرى.


(١) الأحكام (١/ ٢٨٥)، والمنتخب (٢٠٥).