باب القول فيما ينبغي أن يفعله المفرد والقارن والمتمتع
  وروى مثله عن عبدالله بن مسعود(١) وأسامة بن زيد(٢) عن النبي ÷.
  فإن قيل: قد روي عن أسامة أني كنت رديف رسول الله ÷ عشية عرفة فلم يكن يزيد على التكبير والتهليل(٣).
  قيل له: روي هذا، وروي ما ذكرناه، فإما أن يحمل [على] أنه لم يزد على التكبير والتهليل والتلبية؛ ليكون جمعاً بين الأخبار، ويكون الغرض أنه ÷ لم يكن يشتغل عن الذكر، أو يحمل على أنه # لم يلب في ذلك الوقت، وهذا لا يقدح فيما ذهبنا إليه، فإن التلبية لا يجب استدامتها، أو يتعارض الخبران، ويبقى لنا سائر ما رويناه.
  فإن قيل: روي عن ابن عمر وأنس أنهما قالا في يوم عرفة: كان يهل المهل منا [ولا ينكر عليه]، ويكبر المكبر منا ولا ينكر عليه(٤).
  قلنا: هو كذلك، ولسنا نقول: إن التكبير في أثناء الإهلال لا يجوز، فلا حجة فيه.
  على أن التلبية شعار الإحرام، فالأولى أن تستدام ما بقي الإحرام، أو يمنع منه الدليل، ولا دليل على قطعها قبل الوقت الذي ذكرنا أنها تنقطع بانقطاع الإحرام.
مسألة: [في أن على القارن طوافين وسعيين]
  قال: والقارن إذا دخل مكة فعل ما يفعله المفرد، وطاف وسعى على ما وصفناه، ونوى في طوافه وسعيه أنهما(٥) لعمرته، فإن أحب تعجيل طواف حجه عاد أيضاً إلى الكعبة فطاف بها، وإلى الصفا والمروة فسعى بينهما على ما بينا ونوى أنهما لحجته.
(١) شرح معاني الآثار (٢/ ٢٢٤).
(٢) شرح معاني الآثار (٢/ ٢٢٥).
(٣) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٢/ ٢٢٣).
(٤) أخرجه عن أنس البخاري (٢/ ٢٠) ومسلم (٢/ ٩٣٤).
(٥) في (أ، ب، ج): أنه. وفي (ب): أنهما. نسخة.