باب القول فيما ينبغي أن يفعله المفرد والقارن والمتمتع
  وهو الطواف الفرض، ولا يرمل فيه، ثم قد حل له النساء.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(١)، وحقق في المنتخب أن وقت الزيارة موسع إلى آخر أيام منى، فيكون وقته أربعة أيام مثل وقت الرمي.
  وقال أبو حنيفة: وقته ثلاثة أيام مثل وقت الأضحية. ونحن نعتبر بالرمي؛ بعلة أنه عبادة تختص بالحج وآخر وقتها في أيام التشريق، فوجب أن يكون أربعة أيام كوقت الرمي.
  ويمكن أن يقاس على التكبير بعلة أنها عبادة لا تتعلق بالمال، تختص(٢) أيام التشريق، فوجب أن يكون آخر أيام منى من وقته.
  واعتبارنا بالرمي أولى من اعتبارهم بالأضحية؛ لأن الأضحية لا تختص بالحج؛ لأن الحاج وغيره فيها سواء، واعتبارنا يفيد شرعاً؛ لأنه يجعل اليوم الرابع في حكم ما قبله في أنه وقت للطواف.
  ويمكن أن يقاس آخر يوم من أيام منى على أولها، بعلة أنه من أيام منى، فوجب أن يكون وقتاً لطواف الزيارة.
  وقلنا: إنه إذا دخل المسجد طاف وسعى إن كان متمتعاً، أو كان مفرداً أو قارناً لم يكن طاف عند القدوم - لأن طواف القدوم واجب عندنا، وقد دللنا على ذلك فيما مضى، ويجب أن يرمل فيه.
  وقلنا: إنه يطوف بعد ذلك طواف الزيارة لقول الله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِالْبَيْتِ اِ۬لْعَتِيقِۖ ٢٧}[الحج]، ولا خلاف في أن المراد به طواف النساء، ولا خلاف أيضاً في أنه فرض، ولا يجبر بغيره، ولا خلاف أنه لا رمل فيه؛ إذ لا سعي بعده.
  وقلنا: إنه يحل له النساء بعده لأنه لا خلاف فيه، وفي أن جميع أحكام
(١) الأحكام (١/ ٢٦٥) والمنتخب (٢١٣).
(٢) في (ب، ج): وتختص.