شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما ينبغي أن يفعله المفرد والقارن والمتمتع

صفحة 418 - الجزء 2

  وفعله في الحج على سبيل الوجوب؛ لما بيناه آنفاً.

  قال أبو العباس الحسني ¦: وروى القاسم، عن أبي إدريس، عن الحسين بن عبدالله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن علي # أنه كان ينهى عن المبيت وراء الجمرة إلى مكة.

  وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن ابن عباس أنه قال: لا يبيتن أحدكم من وراء العقبة ليلاً أيام التشريق⁣(⁣١).

  وروى بإسناده عن ابن عمر⁣(⁣٢) أنه كان: ينهى أن يبيت أحد من وراء العقبة، وكان يأمرهم أن يدخلوا إلى منى⁣(⁣٣).

  وروى هناد بإسناده عن عمر نحوه، وزاد: وبعث إلى أناس نزلوا خلف العقبة فأدخلهم، وأنه كان يبعث رجالاً يدخلون الناس من وراء العقبة، ولا يتركهم يبيتون خلفها.

  وكل ذلك يوجب أن المبيت بمنى من النسك الواجب، فإذا ثبت ذلك فعلى تاركه دم. وأبو حنيفة يذهب إلى أن تاركه مسيء، ولا شيء عليه.

  وذهب الشافعي إلى أن من بات بغيرها ثلاث ليالٍ لزمه دم.

  على أن الكون بمنى أقوى من الرمي، ولا خلاف أن من ترك الرمي يلزمه دم، فوجب أن يلزم تارك المبيت. وإنما قلنا: إن الكون بمنى أقوى من الرمي لأنا وجدنا الرمي في الرابع يتعلق وجوبه بالمقام، والمقام لا يتعلق وجوبه بالرمي على وجه من الوجوه، فيصير حكم الرمي بحكم التبع أشبه، فيجب أن يكون المقام أقوى منه في معنى النسك.


(١) المصنف (٣/ ٢٩٧).

(٢) في (أ، ج، د): عن ابن عمر عن عمر. والمثبت من (د) ومصنف ابن أبي شيبة.

(٣) في (أ، ب، ج): أن يرحلوا إلى منى. والمثبت من (د) ومصنف ابن أبي شيبة.