باب القول فيما ينبغي أن يفعله المفرد والقارن والمتمتع
  وروي عنه ÷ أنه طاف راكباً، ورمى راكباً، ولا خلاف أنهما على القدمين أفضل. على أنه لا يمتنع أن يكون الأخذ بالرخصة أفضل خصوصاً له؛ من حيث كان ذلك بياناً للناس، ولا يوجب أن تكون الرخصة أفضل للكافة، فلا تعلق بما تعلقوا به على وجه من الوجوه.
  ويدل على أن القران أفضل من التمتع - وهو المراد بقوله في الأحكام: «والقران أفضلها» - أن القارن حجته ميقاتية، وحجة المتمتع مكية، ويكون سفر المتمتع إلى مكة للعمرة، ويكون سفر القارن للحج والعمرة إلى منى، وأيضاً الرخصة للمتمتع أكثر منها للقارن، ألا ترى أن المتمتع ينتفع بالنساء والطيب والثياب وغيرها، مع كونها أجمع محظورة على القارن؟ وإذا ثبت ذلك وثبت بما قدمناه أن العدول عن الرخصة أفضل كان الأمر الذي فيه الرخص أقل أفضل من الذي فيه الرخص أكثر، فوجب بذلك أن يكون القران أفضل من التمتع.
  فأما ما كان يميل إليه أبو العباس الحسني ¦ من الفرق بين من حج ومن لم يحج في أن الإفراد أفضل لمن لم يحج، والقران أفضل لمن قد حج - فهو بعيد؛ لأن جميع الوجوه التي ذكرناها لا فصل فيها بين من حج وبين من لم يحج، وتصريح يحيى # أن الإفراد أفضل لمن حج ولمن لم يحج في الأحكام يوضح ما ذكرناه، وأنه لم يذكر الحال مفصلاً، ولم يترك الاقتصار على قوله: «الإفراد أفضل» إلا لإزالة هذه الشبهة.
مسألة: [في أعمال العمرة]
  قال: والمعتمر يفعل ما يفعله المتمتع في عمرته، من الإحرام، والتلبية، وقطعها، والطواف، والسعي، وغيرها.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام، وهو مما لا خلاف فيه، وبه وردت الأخبار، فلا وجه للإطالة فيه.