شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الحج

صفحة 429 - الجزء 2

  الكلام فيه، ونقول: إن الدم يسقط عنه لأن حجه حصل من ميقاته؛ لأن مكة ميقات لأهل مكة.

  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إن القران فيه مبادرة إلى فعل الحج والعمرة، فوجب أن يكون أفضل.

  قيل له: المبادرة لا تدل على أنها أفضل في كل موضع، ألا ترى أن أهل العراق يرون أن تأخير العصر أفضل من تقديمه، وكذلك الإسفار بالفجر أفضل من التغليس به، ولا خلاف أن تأخير الوتر أفضل من تقديمه، ونحن نذهب إلى أن تأخير العصر إلى وقته أفضل من تقديمه في أول وقت الظهر على سبيل الجمع للمعذور، فكل ذلك يبين فساد تعلقهم بما تعلقوا به.

  فإن قيل: قوله: «لوا استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي» يدل على أن التأسف على التمتع، وهذا يدل على أن التمتع أفضل.

  قيل له: يحتمل أن يكون النبي ÷ قال ذلك تطييباً لأنفسهم لما رآهم قد شق عليهم الإحلال مع بقائه # على الإحرام، وهذا كما يقول الإنسان لمن رخص له في عذر عرض له: لو كنت مثلك لترخصت، وإن لم يدل ذلك على أنه رغبة⁣(⁣١) في حصول العذر والعدول إلى الرخصة، فكذلك قوله ÷: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي».

  فإن قيل: كيف تقولون: إن الإفراد أفضل مع قولكم: إن رسول الله ÷ قرن؟

  قيل له: فعل النبي ÷ في كل حال لا يدل على أنه هو الأفضل، بل يدل على أنه جائز، ألا ترى أنه أفطر في السفر، وقد دل الدليل على أن الصوم فيه أفضل؟ وكذلك أوتر على الراحلة، وقد دل الدليل على أن الإيتار على الأرض أفضل؟


(١) في (د): لرغبة.