شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما ينبغي أن يفعله المفرد والقارن والمتمتع

صفحة 433 - الجزء 2

  هشيم، عن منصور، عن عطاء، عن ابن عباس: أن النبي ÷ سئل عمن حلق قبل أن يذبح ونحو ذلك، فجعل يقول: «لا حرج».

  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا أبو بكرة، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، عن عبدالرحمن بن الحارث بن أبي ربيعة، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن عبيدالله بن أبي رافع، عن علي # قال: أتى رسول الله ÷ رجل فقال: يا رسول الله، إني أفضت قبل أن أحلق، قال: «احلق ولا حرج»، قال: وجاءه رجل آخر فقال: يا رسول الله، إني ذبحت قبل أن أرمي، قال: «ارم ولا حرج»⁣(⁣١).

  والحرج الضيق، وقوله ÷ فيه: «لا حرج» يفيد جوازه، ويجري مجرى قول القائل: لا حرج في تأخير الظهر إلى آخر وقته، يريد أنه جائز، ويجري مجرى قوله: لا حرج في تأخير الحج، أي: أنه جائز، فإذا ثبت جوازه فيجب ألا يكون على من فعله شيء، خلافاً لأبي حنيفة في إلزامه إياه دماً.

  فإن قيل: فقد روي عن ابن عباس أنه قال: من قدم من حجه شيئاً أو أخر فليهرق [لذلك] دماً⁣(⁣٢).

  قيل له: قول النبي ÷ أولى بأن يستعمل، ونبني عليه قول ابن عباس، حتى يكون خاصاً في غير ما ذكره النبي ÷.

  فإن قيل: فهذا يوجب أن يكون ذلك جائزاً للمتعمد والناسي، وقد قال في المنتخب: إن ذلك مما لا نحب أن يتعمد، وكرهه.

  قيل له: أما التعمد فلا خلاف في أنه يكره له ذلك، ويدل عليه قوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّيٰ يَبْلُغَ اَ۬لْهَدْيُ مَحِلَّهُۥۖ}⁣[البقرة: ١٩٥]، فصار الخبر متناولاً للناسي وللجاهل، وقد روي ما يدل على أن المراد هو الناسي والجاهل.


(١) شرح معاني الآثار (٢/ ٢٣٥).

(٢) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٢/ ٢٣٨).