شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجب على المحرم توقيه

صفحة 448 - الجزء 2

  اختلف فيه، قال الشافعي فيه مثل قولنا، وقال أبو حنيفة: فيه صدقة.

  ووجه قولنا فيما ذهبنا إليه⁣(⁣١): أن شعر الحلال لا حرمة له، فجرى مجرى الطير الأهلي والأنعام في أن قتلها لا يوجب شيئاً، والعلة فيه أنه استهلك ما لا حرمة له، فوجب ألا يكون فيه فرق بين الحلال والحرام. ولا خلاف أن الحلال إذا جزه لم يلزمه فيه شيء، فكذلك إذا جزه المحرم، والمعنى أنه شعر الحلال. ولا يشبه ذلك صيد الحلال؛ لأن للصيد حرمة وإن كان ملكاً للحلال، ألا ترى أن الحلال لا يجوز له ذبحه في الحرم؟ وليس كذلك شعر الحلال؛ لأنه يحلقه في الحرم. يوضح ذلك أنه لو ألبسه قميصاً لم يلزمه شيء، لما لم يكن الحلال ممنوعاً من لبسه، فكذلك قص شعره.

  فإن قيل: هو منهي عن قص شعر نفسه وشعر غيره.

  قيل له: لسنا نسلم أنه منهي عن قص شعر غيره.

مسألة: [في أن المحرم لا يتطيب ولا يكتحل ولا يقتل القمل]

  قال: ولا يتداوى بدواء فيه طيب، ولا يكتحل، ولا يقتل من القمل شيئاً، وإن أراد تحويله من مكان إلى مكان فعل، وإن قتلها تصدق بشيء من الطعام.

  جميعه منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٢).

  أما الطيب فلا خلاف في أن المحرم ممنوع منه، فوجب أن يمتنع منه وإن كان في الدواء؛ لأن كونه في الدواء لا يخرجه من أن يكون طيباً.

  وأما الكحل فإنه منع منه لأنه زينة، والمحرم قد أخذ عليه ترك الزينة.

  وأما القمل فقلنا: لا يلقيه عن نفسه ولا يقتله؛ لأنه جارٍ مجرى أخذ الشعر والظفر من جسده؛ لأنه منه، وفي أخذه إماطة الأذى عن نفسه، ولا خلاف أن المحرم لا يفلي ثوبه، ولو كان له قتل القمل لكان له فليه، كما له غسله.


(١) في (ب): ووجه قولنا ما ذكرناه فيما ذهبنا إليه. وفي (د): ووجه ما ذهبنا إليه.

(٢) الأحكام (١/ ٢٥٥).