كتاب الحج
  وأما أصحاب الشافعي فيقال لهم: لا فرق بين أن يقع الأخذ ابتداء على وجه الغصب وبين أن يطرأ الغصب عليه، ألا ترى أن الشيء يكون في يد الإنسان عارية أو وديعة، ويكون أخذه له من حيث جاز له أخذه، ثم يحصل غاصباً فيمنع من إمساكه، حتى يكون طروء الغصب عليه كوقوع أخذه على وجه الغصب، فإذا صح ذلك بطل الفرق الذي اعتمدوه.
  فإن قيل: الإحرام لا يوجب إزالة سائر الأملاك، فوجب ألا يزيل ملك الصيد.
  قيل له: لأنه لم يمنع ابتداء التملك لسائر الأشياء فلم يزل ملكه حاصلاً، ولما منع ابتداء الملك للصيد وجب أن يزيل التملك الحاصل له.
  فإن قيل: فهذا يعترض نكاح المحرم؛ لأن المحرم يمنع ابتداء العقد عندكم، ولا يمنع البقاء.
  قيل له: النكاح لا يكون تملكاً للعين، وإنما هو تملك المنافع، وكلامنا في تملك الأعيان، فلا يصح الاعتراض الذي ذكرتم.
  ويدل على ذلك أنا وجدنا المخيط لما كان المحرم ممنوعاً من إمساكه لم يكن فرق بين أن يطرأ الإحرام عليه وبين أن يطرأ هو على الإحرام، فوجب أن يكون الصيد كذلك، والمعنى أن المحرم ممنوع من إمساكه.
  فإن قيل: فإن الذي تذهبون إليه يؤدي إلى الضرر بالمحرم.
  قيل له: قد كان يمكنه إخراجه عن ملكه قبل الإحرام(١) على وجه لا يضره، فإذا لم يفعل فهو الذي ضر نفسه.
(١) في (أ): إخراجه قبل الإحرام عن ملكه.