شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجب على المحرم توقيه

صفحة 476 - الجزء 2

فصل: [ذبح الحلال للصيد في الحرم لا يكون ذكاة]

  فأما ذبح الحلال الصيد في الحرم فالذي يدل على أنه لا يكون ذكاة: أنه منهي عنه بقول النبي ÷: «ولا ينفر صيدها»، والنهي عن تنفيره يقتضي النهي عما فوقه من الذبح، وهذا كما نقول: إن قوله تعالى: {فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفّٖ وَلَا تَنْهَرْهُمَا}⁣[الإسراء: ٢٣] يقتضي النهي عن شتمهما وضربهما، فإذا ثبت أنه منهي عنه ثبت أنه لا يقع موقع الصحيح وأنه لا يكون ذكاة. ولا خلاف أنه لو اصطاده في الحرم لم يحل له ذبحه فيه، فكذلك إذا ملكه في الحل ثم أدخله الحرم، والمعنى أنه صيد في الحرم فوجب ألا يحل ذبحه.

  فإذا ثبت ما⁣(⁣١) ذكرناه من أنه ممنوع من ذبحه استمر فيه سائر ما ذكرناه في تحريم ذبيحة المحرم.

  وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن عطاء أنه سئل عن الصيد يوجد في الحل فيذبح في الحرم فقال: كان الحسين بن علي @ وعائشة وابن عمر يكرهونه⁣(⁣٢).

مسألة: [في الحجامة للمحرم]

  قال: ولا بأس للمحرم بالحجامة، فإن حلق شيئاً من الشعر أو قطعه وكان يسيراً ففيه صدقة، وإن بان أثره ففيه الفدية.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٣).

  قلنا: إنه يحتجم للحديث الذي اعتمده يحيى بن الحسين @، وهو أن النبي ÷ احتجم وهو محرم بلَحْي جمل⁣(⁣٤).


(١) في (أ): بما.

(٢) مصنف ابن أبي شيبة (٣/ ٣٤٨) وفيه: كان الحسن بن علي.

(٣) الأحكام (١/ ٢٨٧).

(٤) هو بفتح اللام: موضع بين مكة والمدينة. وقيل: عقبة. وقيل: ماء. (نهاية).

(*) أخرجه أبو طالب # في الأمالي (٣٨٠) والبخاري (٣/ ١٥) وأحمد في المسند (٤/ ١٨٥).