باب القول فيما يجب على المحرم توقيه
  وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن طاووس، عن ابن عباس(١)، وعن أبي الزبير عن جابر(٢) أن النبي ÷ احتجم وهو محرم.
  وفي حديث زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: (يحتجم المحرم إن شاء)(٣).
  وأما الفدية فأوجبناها في الحلق لقول الله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِۦ أَذيٗ مِّن رَّأْسِهِۦ فَفِدْيَةٞ}[البقرة: ١٩٥]، ولا خلاف أن المراد به: فحلق رأسه ففدية، ولحديث كعب بن عجرة على ما نثبته من بعد إن شاء الله تعالى.
  وقلنا: إن اليسير منه يجب فيه الصدقة؛ لأنه لا خلاف في قطع الشعرة والشعرتين أنه لا يجب فيه الفدية، والأصل فيما وجب في جملة منه الدم أنه يجب في اليسير منه صدقة؛ فلذلك قلنا: إن فيه صدقة.
  وقلنا: إنه إذا حلق ما يبين أثره ففيه الفدية لأنه ينطلق عليه اسم الحلق، ولا خلاف فيمن حلق الأكثر من رأسه أنه يلزمه الفدية، فكذلك إذا حلق ما بان أثره، والمعنى أنه حلق بعض رأسه، أو أتى(٤) ما يسمى حلقاً. وهذا أولى من اعتبار من اعتبر الأكثر من رأسه أو الربع؛ لأنه يؤدي إلى أن الأصلع الذي يكون صلعه قد صار في أكثر رأسه أو أكثر من ثلاثة أرباعه لو حلق رأسه لم تلزمه الفدية. وهو(٥) أولى ممن اعتبر ثلاث شعرات؛ لأن نسبة ثلاث شعرات إلى شعرتين - المتفق على أن لا دم فيهما - أقوى(٦) من نسبته إلى حلق أكثر الرأس المتفق على أن فيه دماً.
(١) مصنف ابن أبي شيبة (٣/ ٣٢٠).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢/ ١٠٢٩) والبيهقي في السنن الكبرى (٩/ ٥٧١).
(٣) مجموع الإمام زيد بن علي # (١٦٦).
(٤) في (أ): وأتى.
(٥) في (أ): وهذا.
(٦) في (ب) ونسخة في (أ، د): أولى.