شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات

صفحة 507 - الجزء 2

  كلام يحيى #، وحكي أنه مذهب صاحب الظاهر، وحكاه ابن جرير في الاختلاف عن أبي ثور.

  ووجهه: أنه قال تعالى: {وَمَن قَتَلَهُۥ مِنكُم مُّتَعَمِّداٗ فَجَزَآءُ مِثْلِ مَا قَتَلَ مِنَ اَ۬لنَّعَمِ}⁣[المائدة: ٩٧]، فأوجب الجزاء بشرط التعمد، فكان ذلك دليلاً على أنه لا جزاء مع فقد التعمد الذي هو شرط فيه.

  فإن قيل: ألستم توجبون الكفارة على قاتل العمد وإن كان النص ورد في قاتل الخطأ؟ فما تنكرون على من أوجب الجزاء على قاتل الصيد خطأ وإن كان النص ورد في العامد؟

  قيل له: لا يمتنع أن يرد النص في الأدنى فيعرف به حال الأعلى، وليس كذلك إذا ورد في الأعلى؛ لأنه لا يقتضي التنبيه على الأدنى.

  ولأنه قتل يصدر عنه حكم يختص نفس القاتل، فوجب ألا يستوي عمده وخطؤه فما يقتضيه القتل، دليله قتل المسلم.

  فإن قيل: قتل العبد يعترضه؛ لأنه يستوي فيه خطؤه وعمده، لأنكم لا توجبون فيه القصاص، وإنما توجبون فيه القيمة، وهو يستوي فيه العمد والخطأ.

  قيل له: يحصل الافتراق من وجه آخر، وهو أن القيمة في العمد من ماله، وفي الخطأ على عاقلته، فلم يحصل الاستواء.

  فإن قيل: فنحن أيضاً نقول: إن حكم العمد والخطأ في قتل الصيد لا يستوي؛ لأن التوبة تلزم مع العمد، ولا تلزم مع الخطأ.

  قيل له: نحن إنما أوجبنا ألا يحصل التساوي فيما يوجبه القتل، والتوبة لا تجب للقتل، وإنما تجب لوقوعه على وجه قبيح مع أوصاف مخصوصة، ألا ترى أن كل فعل وقع على وجه يقبح اقتضى التوبة، والقتل إذا تعرى من ذلك لم⁣(⁣١) يوجب التوبة، فبان أنها ليست مما يقتضيه القتل.


(١) في (د): لا.