كتاب الحج
  فإن قيل: فهلا قستموه على الكفارة بعلة أن المانع من قتله ليس بحق الآدمي(١)؟
  قيل له: لأنا وجدنا الكفارات إنما تلزم فيما يكون المنع منه حقاً للمقتول أو أمراً يختص القاتل، وقيم المتلفات تجب على غير هذين الوجهين، فوجدنا استهلاك الصيد في الحرم أشبه باستهلاك(٢) الموجب للقيمة منه بالاستهلاك للكفارة(٣)، على أن القياس المجمع على صحته أولى من القياس المختلف في صحته، ولا خلاف في أن إثبات القيم قياس جائز، واختلفوا في إثبات الكفارة قياساً، فصار قياساً متفقاً على جوازه، فكان أولى. على أن الأصل في الضمانات والاستهلاكات القيم دون ما سواها، فكان ما ذهبنا إليه أجرى على الأصول، فوجب أن تكون القيمة هي اللازمة فيه، وأن جزاء الصيد الذي يقتله المحرم ليس بعوض له، بل هو كفارة فعله؛ لأن قتل الصيد في غير الحرم مباح، وإنما حظر على المحرم لإحرامه، وليس كذلك الصيد في الحرم؛ لأنه غير مباح فيه على وجه من الوجوه.
  فإن قيل: لم(٤) أجريتم جزاءه في باب اللزوم والأداء مجرى الكفارات، فأوجبتموه على الدال، وأوجبتموه تاماً على كل واحد من المشتركين فيه على ما ذهب إليه مالك؟
  قيل له: لأنا وجدناه في باب الأداء واللزوم بالكفارات أشبه منه بالضمانات(٥)؛ لأنا وجدناه لا يتوجه على القاتل المطالبة به، فلا مساغ فيه للإبراء والصفح، فوجب أن يكون سبيله سبيل الكفارات. على أنه لا خلاف أنه
(١) في (ب): بحق لآدمي. وفي (د): بحق آدمي.
(٢) في (أ): بالاستهلاك.
(٣) في (ج): باستهلاك الكفارة.
(٤) «لم» ساقطة من (ب، ج، د).
(٥) في (د): بالضمان.