شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات

صفحة 534 - الجزء 2

  وتحصيل المذهب: أنه لا جزاء على المحرم، ولا ضمان على المرسل.

  ووجه قولنا: إنه لا جزاء على المحرم لأنه قد عاد - أعني الصيد - على ما كان عليه ولم يستهلكه، فيجب ألا يكون عليه الجزاء كما أنه لو كان هو المرسل.

  [وأما أنه لا ضمان على المرسل]⁣(⁣١) فقد اختلف فيه؛ فقال أبو حنيفة: إن كان اصطاده وهو محرم فأخذه حلال فأرسله فلا ضمان عليه، وإن كان اصطاده وهو حلال فأرسله ضمن.

  وقال الشافعي: لا يضمن المرسل على القول الذي يقول: إن إرساله واجب على المحرم. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يضمن في شيء من الأحوال مثل قولنا.

  ووجه ما ذهبنا إليه: ما بيناه فيما مضى من أنه لا يجوز إمساكه بوجه من الوجوه، وأن سبيله في إمساكه سبيل الغاصب، فإذا ثبت ذلك لم يلزم المرسل ضمانه؛ لأنه بمنزلة من أخرج الغصب من يد غاصبه ورده إلى حيث استحق. وإذا لم يخالف أبو حنيفة أن المحرم إذا اصطاده في حال إحرامه فلا ضمان على مرسله وجب ألا يضمنه المرسل وإن كان المحرم اصطاده قبل الإحرام، والمعنى أنه أزال يداً ظالمة عن الشيء ورده إلى حيث استحق. وليس يمكنهم أن يقولوا: إنه أبطل ملكه؛ لأن الصحيح عندنا أن ملك المحرم زائل عن الصيد على ما بيناه فيما تقدم، فسبيله عندنا سبيل المسلم إذا كان في يده الخمر فأراقه غيره أنه لا يضمنه؛ لأنه فعل ما كان يلزم من كان في يده فعله بعينه من غير أن تكون صحة فعله من شرطها النية.

  فإن قيل: أليس لو جاء رجل فأخذ زكاة مال غيره فأخرجها إلى الفقراء بغير إذنه ضمنها لصاحب المال، فما أنكرتم على من قال: إن ذلك حكم المرسل للصيد؟


(١) ما بين المعقوفين مظنن به في هامش (ب، د).