باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات
  قيل له: وجب الضمان في الزكاة لأن عين ما أخرجه إلى الغير لم يلزم صاحب المال، بل كان له الخيار في أن يخرجه أو يخرج غيره إن شاء، وليس كذلك حال الصيد؛ فإن المحرم قد تعين عليه فرض إرساله، فكان حكمه حكم الخمر التي يريقها الغير، وحكم الغصب إذا أخرجه غير الغاصب من يد الغاصب ورده إلى حيث استحق.
  على أن الزكاة تفتقر إلى النية لتكون بها قربة وزكاة، وليس كذلك حكم إرسال الصيد؛ لأن المحرم لا يحتاج لإرساله إلى نية، ألا ترى [أنه] لو انفلت من يده وطار أجزأه، فهو بحكم إراقة الخمر وإخراج الغصب من يد الغاصب أشبه. على أنا إذا دللنا على أن ملك المحرم يزول عنه فلا كلام بعده في المسألة.
  وأما الصدقة بقدر إفزاعه فقد تكرر الكلام فيه في مواضع، فلا حاجة بنا إلى إعادته(١).
مسألة: [في المحرم يجامع بعد رمي جمرة العقبة]
  قال: وإن جامع الحاج بعد ما رمى جمرة العقبة وحلق لم يفسد حجه، ووجب عليه دم، وكذلك المتمتع إذا جامع قبل أن يقصر وقد طاف وسعى فأكثر ما عليه دم.
  وقال القاسم # في المتمتع الذي يجامع بعد الطواف والسعي وقبل التقصير: إن لم يرق دماً فأرجو ألا يكون عليه بأس. قال: وإراقته أحب إلي.
  ما ذكرناه أولاً منصوص عليه في الأحكام(٢)، وما حكيناه عن القاسم # مروي عنه في الأحكام، وروي نحوه عن النيروسي.
  وتحصيل المذهب أنه إذا جامع بعد الرمي لا يفسد حجه وإن لم يكن حلق، وقد ذكره أبو العباس الحسني في النصوص، ودل عليه قول(٣) يحيى #: إن
(١) في (د): فلا وجه لإعادته.
(٢) الأحكام (١/ ٢٩٠).
(٣) في (أ، ج): كلام.