باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات
  المتمتع إذا جامع قبل أن يقصر وقد طاف وسعى فأكثر ما عليه دم؛ لأن التقصير والحلق للمعتمر بعد السعي كالتقصير والحلق للحاج بعد الرمي، فتصريحه بأن حصول الجماع للمعتمر قبل التقصير لا يفسد عمرته إبانة أن حصوله للحاج قبل الحلق لا يفسد حجه، وهو قول عامة الفقهاء.
  وروى ذلك ابن أبي شيبة بإسناده عن ابن عباس.
  وذهب محمد وزيد ابنا علي $ إلى أن من جامع قبل طواف الزيارة كان عليه الحج من قابل(١).
  وروى ابن أبي شيبة ذلك عن محمد بن الحنفية وابن عمر(٢).
  ووجه ما ذهبنا إليه: أن هذا الوطء لم يصادف إحراماً صحيحاً، فكان حكمه كحكمه لو وقع بعد طواف الزيارة، أو يقال: هو وطء صادف حالاً يجوز فيها اللبس والطيب، فوجب ألا يفسد الحج قياساً عليه إن جامع بعد طواف الزيارة.
  وليس لهم أن يقولوا: إن بعد طواف الزيارة لم يبق شيء من الحج؛ لأن من طاف طواف الزيارة يوم النحر يكون قد بقي عليه رمي في باقي أيام التشريق، ويكون قد بقي عليه طواف الوداع. على أن الجماع إنما كان مفسداً للحج من حيث أفسد الإحرام المقتضي(٣)، وكذلك إذا وقع بعد الاعتكاف لم يجب أن يفسد الاعتكاف المقتضي(٤)، وكما أن من أحدث بعد الخروج من الصلاة لم تفسد صلاته وإن صادف ذلك حال بقاء حرمة الصلاة ووجوب سجدتي السهو، وكذلك الجماع قبل فعله وإن كان لو جامع لم يفسد صلاته إذا حصل الجماع بعد الخروج من الصلاة.
(١) رواه عنهما في أمالي أحمد بن عيسى (٢/ ٣٧٦).
(٢) المصنف (٣/ ٣٦٠، ٣٦١).
(٣) في (ب، د): الماضي. نسخة.
(٤) في (ب، د): الماضي. نسخة.