باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات
  ووجه إيجاب الجزاء عليه إذا كان قتله أو أمر بقتله وهو محرم: ما سلف القول فيه، فلا وجه لإعادته، على أن إيجاب الجزاء لا خلاف فيه.
مسألة: [في المحرم يرمي صيداً في الحل فيموت في الحرم أو العكس]
  قال: ولو أن محرماً رمى صيداً في الحل فأصابه فطار حتى مات في الحرم كان عليه الجزاء دون القيمة، وإن أصابه في الحرم فطار حتى مات في الحل فعليه الجزاء والقيمة معاً.
  وهذا منصوص عليه في المنتخب(١).
  أما إلزامه الجزاء لكونه محرماً على الوجهين جميعاً فلا إشكال فيه.
  وأما القيمة فالمراعى لإيجابها وقوع القتل [أو الجناية المؤدية إلى القتل] وهو في الحرم، فمتى حصل أحد الأمرين لزمت القيمة؛ لأنه يكون قد قتل صيداً في الحرم، أو جنى عليه وهو في الحرم جناية أدت إلى القتل، والجنايات الواقعة على الصيد في الحرم إذا أدته إلى القتل كان سبيلها سبيل القتل، كما بيناه في الحلال والحرام إذا دلا غيرهما(٢) على قتل صيد في الحرم. فأما إذا لم يقع القتل ولا الجناية المؤدية إلى القتل للصيد(٣) وهو في الحرم، وإنما وقعا والصيد خارج الحرم - فيجب ألا تلزمه القيمة؛ لأنه يكون قتل صيداً في غير الحرم. فإذا ثبتت هذه الجملة على الأصول المتقدمة المبينة في كتابنا هذا وجب ما ذكرناه من أنه إذا رمى صيداً في الحل فأصابه ثم طار ومات في الحرم فلا قيمة عليه؛ لأن الجناية وقعت في الحل، وطيرانه بعد ذلك حتى يحصل في الحرم ليس من فعل الرامي، وكذلك موته فيه، ويجب أيضاً ما ذكرناه بعد ذلك من أنه إذا أصابه في الحرم فطار حتى مات في الحل فعليه القيمة؛ لأن الجناية المؤدية إلى التلف وقعت والطير في الحرم، فوجب أن تلزمه القيمة.
(١) المنتخب (٢٠١).
(٢) في نسخة في (د): إذا دل غيره.
(٣) في (أ، ج): المؤدية للصيد إلى القتل.