شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات

صفحة 540 - الجزء 2

مسألة: [في المحرم يأكل لحم الصيد]

  قال: وإذا أكل المحرم لحم صيد فعليه قيمته والفدية، وهي: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو دم يريقه، فإن كان هو الذي ذبحه أو أمر بذبحه لزمه مع ذلك الجزاء.

  وهذا منصوص عليه في المنتخب⁣(⁣١).

  وتحصيل المذهب: أن القيمة تجب إذا أكله في الحرم؛ لتنصيص يحيى # في غير موضع من الأحكام والمنتخب على أن القيمة تجب لحرمة الحرم دون حرمة الإحرام، فأما إذا أكله خارج الحرم وهو محرم فالذي يلزمه الكفارة التي ذكرها.

  ووجه ما ذهبنا إليه: أنه انتفع بما حظر الإحرام الانتفاع به، فوجب أن يلزمه الفدية قياساً على من انتفع باللبس والطيب.

  فإن قيل: إن ذلك من ذبيحة المحرم، وهي عندكم ميتة، فكيف قلتم: إنه محظور بالإحرام وهو محظور على غير المحرم أيضاً؟

  قيل له: يمكننا أن نجعل الدليل في الصيد الذي ذبحه الحلال خارج الحرم، ثم نلحق به غيره باعتبار ثان، أو لأن أحداً لم يفصل بينهما. على أن الذي ذكروه لا يمنع أن يكون محظوراً بالإحرام وأن تلزم فيه الفدية؛ لأن الشيء الواحد قد يحصل له وجهان من الحظر، ألا ترى أنه لو لبس مخيطاً من جلد خنزير أو كلب أو ميتة لم يخرج من أن يكون قد أتى ما حظره الإحرام وكانت الفدية لازمة، وإن كان لبس هذه الأشياء محظوراً على غير المحرم؟ وكذلك لو تطيب بطيب معجون بخمر، فبان سقوط اعتراضهم وصحة قياسنا.

  وأما وجه إيجاب القيمة إذا أكله في الحرم فهو أنه استهلك ما منع استهلاكه لحرمة الحرم فوجب أن يضمن قيمته؛ دليله الصيد إذا قتله في الحرم، والشجر إذا عضده فيه، وهذا مما قد مضى القول فيه.


(١) المنتخب (٢٠٠).