شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات

صفحة 546 - الجزء 2

  ووجه استحبابنا أن يمنعهم عنه أولياؤهم: أنه مستحب للرجل أن يأخذ ابنه إذا صار له سبع سنين ونحوه ويحثه بالصلاة، وأن يأخذه بالصيام إذا أطاق على وجه التأديب؛ ليتعود على ذلك ويستمر عليه، فكذلك أدب الإحرام.

  فإن قيل: ولم قلتم: إن إحرامهم لا ينعقد؟

  قيل له: لأنهم ليسوا من أهل العبادات؛ فوجب ألا ينعقد إحرامهم كالذمي، ألا ترى أنهم لا يؤاخذون بصوم ولا صلاة، ولا يلزمهم القضاء لما فات منها؟

  فإن قيل: أليس قد قلتم: إن الزكاة لازمة لهم؟

  قيل له: الزكاة حق لازم في المال، ولا يمتنع في الحقوق التي تلزم في المال أن تثبت في أموال من لم يكن من أهل العبادات، يكشف ذلك أن الحج لا يلزمه على وجه من الوجوه، لا في نفسه ولا في مال، فبان أن إلحاق حكم إحرامهم بحكم إحرام الذمي أولى من إلحاق حكمه⁣(⁣١) بحكم زكواتهم.

  فإن قيل: فقد روي عن النبي ÷ أن امرأة رفعت إليه صبياً فقالت: ألهذا حج؟ فقال: «نعم، ولك أجر»⁣(⁣٢).

  قيل له: المراد أنه مستحب أخذه به على ما ذكرناه من طريق التأديب والتعويد، ألا ترى أنه ÷ نبه على ذلك بقوله: «ولك أجر»، فبان أن لها الأجر بأخذه بذلك.

  فإن قيل: فقد أثبت له النبي ÷ حجاً، وأنتم لا تثبتون له الحج على وجه من الوجوه، فيبقى كلامه ÷ على مذهبكم معرى عن الفائدة.

  قيل له: معناه أنه يحسن أن يؤخذ بأعمال الحج، وهذا وجه الفائدة؛ لأنه لولا قوله ÷ لم نكن نعلم أنه يحسن منا إلزامهم تلك المشاق.


(١) في المخطوطات: حكمهم.

(٢) أخرجه مسلم (٢/ ٩٧٤) وأبو داود (٢/ ٦، ٧).