كتاب الحج
  فإن قيل: أليس قد قال في المنتخب(١): إن ذلك يتولاه زميله أو بعض رفقائه، فإذا لم يجز ذلك للأجانب فما أنكرتم ألا يجوز ذلك للرفقاء؟
  قيل له: الفرق بينهم أن رفقاءه لما كانوا أخص به في حال حياته في تمريضه والقيام بأسبابه من غيرهم، وكانوا أخص به من غيرهم في دفنه وتجهيزه - ثبت لهم ضرب من الولاية، ولهذا كانوا هم أولى ببيع بعض ما يجب بيعه من أسبابه إن مست الحاجة إليه من غيرهم، فإذا ثبت هذا الضرب من الولاية قلنا: إنهم هم الذين يحرمون عنه، فأما الأجانب فلم(٢) يثبت لهم شيء من الولاية؛ فلهذا خصصنا رفقاءه(٣) بذلك.
  فإن قيل: ألستم تقولون: إنه لا يجوز لهم أن يفعلوا ذلك إلا إذا صاروا إلى آخر المواقيت، فما أنكرتم ألا يجوز ذلك وإن صاروا إلى آخر المواقيت كما لم يجز لهم أن يفعلوه قبل ذلك؟
  قيل له: لأن الولاية التي أشرنا إليها إنما نجعلها لهم في حال الضرورة، وعندما يخاف تلفه أو تلف ماله، ألا ترى أنا لا نجيز لهم بيع ما لم تمس(٤) الحاجة إليه من ماله، ولا نجوز لهم أن ينفقوا عليه إلا ما لا بد له منه(٥)، فلما كان ذلك كذلك لم يجز لهم أن يحرموا له إلا عند الضرورة [وخوف نفاد(٦) نفقته وفوات حجه، فأما إذا لم تعرض الضرورة فلا يجوز لهم التصرف عليه](٧) كما لا يجوز التصرف على سائر أسبابه.
(١) المنتخب (١٩٦).
(٢) في (د): فلا.
(٣) في (د): خصت رفقاؤه.
(٤) في (أ، ب، ج): ألا ترى أنا نجيز لهم بيع ما تمس.
(٥) «منه» ساقطة من (أ).
(٦) في (ج) ونسخة في (د): فساد.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).