شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الإحصار وفيمن يأتي الميقات عليلا

صفحة 562 - الجزء 2

  فإن قيل: كان هذا⁣(⁣١) يجب لو لم يكن ÷ علل وبين أن ذلك لأنه يبعث ملبياً، وإذا بين ذلك فهذا حكم في كل محرم يعلم أنه يبعث يوم القيامة ملبياً، ولما لم يكن لنا سبيل إلى أن نعلم ذلك من حال أحد من المحرمين لم يجب أن نفعل ذلك بأحد منهم.

  قيل له: الخبر مشتمل على شيئين: أحدهما: ما قضى به في المحرم الذي مات.

  والثاني: أنه يبعث يوم القيامة ملبياً.

  وقد علمنا أن الخبر هو من أخبار الآحاد، وأنه يقبل فيما طريقه العمل والحكم، ولا يقبل فيما طريقه العلم، وقد علمنا أن كون ذلك المحرم ممن يبعث يوم القيامة ملبياً مما طريقه العلم، وأنه لا يجب أن يقبل في مثله خبر الواحد، وأن وروده بخلاف وروده، فصارت هذه الزيادة كأنها لم ترد، وإذا كان ذلك كذلك تجرد قضاؤه في المحرم عن هذه الزيادة حكماً، فيجب أن يحكم بأنه قضاء على كل محرم. على أن هذه الزيادة قد رويت على وجهين مختلفين: «رويت يبعث مهلاً» ورويت: «يبعث ملبياً» وهذا كالاضطراب، فأوجب ضعفها، أعني الزيادة.

  على أنه قد روي في شهداء أحد أنه قال ÷: «أنا شهيد عليكم اليوم» ولم يمنع هذا أن يكون حكم الشهداء في ترك غسلهم حكماً واحداً وإن لم يعلم في جميعهم أنه شهيد عليهم، فكذلك ما اختلفنا فيه.

  فإن قيل: فقد قال ÷: «من كُسر أو عرج فقد حل»، فأولى أن يكون من مات قد حل، وهذا يوجب ألا يكون محرماً إذا مات، وإذا لم يكن محرماً وجب أن يفعل به ما يفعل بسائر الموتى.

  قيل له: لا خلاف أن هذا الخبر لا ظاهر له، وأن المحرم لا يصير حلالاً بنفس الكسر والعرج، ومعناه أن من كسر أو عرج فقد جاز له أن يحل فإذا كان هذا هكذا لم يكن لكم تعلق.


(١) في (د): هذا كان.