شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الحج

صفحة 563 - الجزء 2

  فإن قيل: فقد قال ÷: «خمروا رؤوس موتاكم، لا تشبهوا باليهود»⁣(⁣١).

  قيل له: المحرم مخصوص منه بالدليل.

  فإن قيل: روي عن أمير المؤمنين # أنه قال: (يغطى رأسه ويعمل به ما يعمل بسائر الموتى)⁣(⁣٢).

  قيل له: قد روينا عنه خلاف ذلك، أخبرنا محمد بن عثمان النقاش، قال: حدثنا الناصر #، عن محمد بن منصور، عن إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن جابر، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد بن علي، عن آبائه، عن علي $ قال: (إذا مات المحرم لم يغط رأسه⁣(⁣٣))، فيجب أن يحمل ما ذكرتموه على أنه أراد إذا مات بعد الرمي.

  ويدل على ذلك أنه شخص أحرم ولم يتحلل فوجب ألا يكون لنا تغطية رأسه وتطييبه من غير ضرورة قياساً على الحي. ونقيسه أيضاً على المحرم الذي أمر رسول الله ÷ ألا يغطى رأسه ولا يقرب طيباً بعلة أنه مات وهو محرم. وليس لهم أن يعترضوا هذا القياس بأن النبي ÷ بين العلة في ذلك؛ لأنا قد تكلمنا في ذلك بما وجب، على أنه إن ثبت لم يناف علتنا، وجاز القول بهما جميعاً. يؤكد ذلك أنا وجدنا العبادات التي تختص الأبدان على ضربين:

  ضرب لا يثبت حكمه لأحد إلا بنفسه، كالصلاة والصيام، ولا يصح أن يستمر عليه الأيام والليالي تباعاً، ولا يثبت حكمه بعد الموت.

  وضرب يثبت حكمه للإنسان بنفسه وبغيره، ويصح أن يستمر عليه الأيام


(١) أخرج الطبراني في الكبير (١١/ ١٨٣) والدارقطني في السنن (٣٠/ ٣٦٩) والبيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٥٥٣): «خمروا وجوه موتاكم ولا تشبهوا باليهود».

(٢) في مجموع الإمام زيد بن علي # (١٢٧) عن علي #: (إذا مات المحرم غسل وكفن وخمر رأسه ووجهه).

(٣) في (أ) ونسخة في (ب، د): وجهه.