شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الحج عن الميت

صفحة 568 - الجزء 2

  ومما يدل على ذلك: أن الحج يقع للمحجوج عنه، بدلالة قوله ÷ لمن لبى عن شبرة: «حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة» وقوله للخثمعية حين قالت: فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: «نعم».

  وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن ابن الزبير قال: جاء رجل إلى النبي ÷ فقال: يا رسول الله، إن أبي مات ولم يحج أفأحج عنه؟ قال: «نعم، حج عن أبيك، أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته؟»⁣(⁣١).

  وروى هناد بإسناده عن ابن الزبير العقيلي قال: أتى النبي ÷ رجل فقال: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الضعن، قال: «حج عن أبيك واعتمر».

  فكل هذه الأخبار دالة على أن الحج يقع عن المحجوج عنه؛ لأنه قال ÷ في كل ذلك: «حج عنه» يعني المحجوج عنه. ولا يصح قول من يقول: إن الحج للحاج، وللمحجوج عنه أجر النفقة والأجرة وثوابها؛ لأنه لا خلاف أنه لو أنفق عن المحجوج عنه أضعاف تلك النفقة في معونة الحج لم يجزه عن الحج، وكذلك لو أوصى هو بأن ينفق أضعاف تلك النفقة في معونة الحاج لم يجزه عن الحج، فبان بذلك أن الحج يقع عنه.

  ولا خلاف أيضاً أن الحاج يلزمه أن ينوي الإحرام للمحجوج عنه، وأنه⁣(⁣٢) يستحب أن يتلفظ بذلك ويلبي عنه، ولولا أن الحج يقع عن المحجوج عنه لم يجب ذلك⁣(⁣٣)، ولا خلاف أن الحاج لو خالف فيه ضمن النفقة والأجرة، فلولا أن عمله لغيره لم يجب ذلك.


(١) المصنف (٣/ ٣٨٠).

(٢) في (أ): فإنه.

(٣) في (أ): لم يقع عنه ذلك.