باب القول في النذر بالحج وما يتعلق به
  يقتضي ما ذكرناه، وكذلك قول علي #: (إذا جعل عليه المشي فلم يستطع فليركب وليهد) يدل على ذلك؛ لأنه لم يشترط أن يكون(١) جعله المشي عليه يتضمنه الإحرام.
  ولا خلاف أن المشي إذا لم يتضمن الإحرام لا يلزمه الوفاء به، فبان أن من جعل على نفسه المشي إلى بيت الله الحرام فقد أوجب على نفسه أن يحرم. وأيضاً فقد ثبت أن الأيمان والنذور طريق الإيجاب بها العرف، وقد صار العرف في أن من أوجب على نفسه المشي إلى بيت الله الحرام يكون موجباً للإحرام فبان بما بيناه أنه يلزمه الخروج متوجها لما ألزم نفسه.
  ووجه إيجاب الدم(٢): أن النبي ÷ ألزمه، وكذلك أمير المؤمنين #، وإنما ألزمه ذلك لأن المشي في الحج والعمرة قربة، فتعلق به النذر، فلما لم يمكنه الوفاء به(٣) لزمه جبره.
  والذي يدل على أن المشي في الحج والعمرة قربة قوله ÷ في أخت عقبة: «لتركب ولتهد» فجعل الهدي عوضاً من المشي، فدل ذلك على أن القربة تعلقت بالمشي.
  وأيضاً روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال لبنيه: اخرجوا إلى مكة حاجين مشاة؛ فإني سمعت رسول الله ÷ يقول: «إن للحاج الماشي بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم» قلت: يا رسول الله، وما حسنات الحرم؟ قال: «الحسنة مائة ألف حسنة»(٤).
  وروى هناد بإسناده أن الحسن بن علي $ كان يمشي والنجائب تقاد معه.
(١) في (ج): أن لا يكون.
(٢) في (ب، د): إيجابنا. وفي (ب): إيجاب. نسخة.
(٣) في (أ): فلما لم يمكنه في النذر الوفاء به.
(٤) أخرجه البزار في مسنده (١١/ ٣١٣) بلفظ: اخرجوا من مكة حاجين مشاة حتى ترجعوا إلى مكة ... إلخ. وأخرج نحوه الطبراني في الكبير (١٢/ ٧٥، ٧٦).