شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في النذر بالحج وما يتعلق به

صفحة 603 - الجزء 2

  إسماعيل ª بذبح الكبش، بدلالة قوله تعالى: {وَفَدَيْنَٰهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٖۖ ١٠٧}⁣[الصافات]، فثبت أن افتداء الابن من الذبح شرع له، ولم يثبت نسخه، فوجب أن يلزمنا ذلك.

  فإن قيل: كيف يصح لكم الاستدلال بهذا وأنتم تقولون: إن إبراهيم # كان أمر بمقدمات الذبح ولم يكن أمر بالذبح؛ لامتناع نسخ الشيء قبل وقت فعله عندكم، على أنه إن صح أنه ÷ أمر بالذبح ومقدماته فشيء من ذلك لا يثبت الآن؛ لأنه لا خلاف أن من قال: «علي لله أن أذبح ابني» لا يلزمه مقدمات الذبح ولا الذبح، فكيف يستمر هذا؟

  قيل له: لسنا نعلم عن أئمتنا $ تفاصيل ما سألت عنه من تكليف إبراهيم ~، وإن كان الأصح عندنا وعند شيوخنا المتكلمين ما ذكرته في سؤالك من أنه ÷ كان مأموراً بمقدمات الذبح، إلا أن استدلالنا بذلك على تفاصيل تلك الأحوال.

  ووجه الاستدلال منه: أنه قد ثبت أن إبراهيم # أمر بالافتداء بذبح الكبش عن ابنه إسماعيل @، فصار لذبح الكبش مسرح في الافتداء لذبح الابن في شريعته، ولم يثبت نسخه، فيجب أن يكون لنا مسرح في أن نفتدي ذبح الابن بذبح الكبش، وإذا ثبت ذلك فلم يثبته أحد إلا على الوجه الذي ذهبنا إليه، فصح ذلك.

  وروى هناد، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن ليث، عن عطاء، قال: نذر رجل أن ينحر ابنه، فأتى ابن عباس فسأله، فأمره أن يفديه بكبش، ثم قرأ ابن عباس هذه الآية: {وَفَدَيْنَٰهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٖۖ ١٠٧}⁣[الصافات].

  فكان في ذلك تنبيه على طريق الاستدلال به.