شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الحج

صفحة 604 - الجزء 2

  وروى هناد، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن⁣(⁣١) منصور، عن الحكم، عن علي # في رجل نذر أن يذبح ابنه قال⁣(⁣٢): (عليه بدنة).

  فدلت هذه الأخبار على أن الصحابة أجمعت على أن هذا نذر يتعلق به الحكم، وأنه ليس بهذر، ثم حصل الإجماع بعدهم على أن لا حكم إلا ما ذهبنا إليه؛ لأن الناس فيه على أحد قولين: إما القول بأنه هذر لا حكم له، وإما القول بإيجاب الذبح.

  فأما ما روي عن أمير المؤمنين # من قوله: (عليه بدنة)، وما روي عن ابن عمر وإحدى الروايتين عن ابن عباس من قولهما: «عليه الجزور» فيجوز أن يكون ذلك على الاستحباب في الزائد على الشاة، ألا ترى أنا نستحب لكل من لزمه دم أن يجعله جزوراً وإن قلنا: إن الشاة تجزئ؟

  وروى هناد عن ابن عباس بأسانيد من طرق شتى إيجاب الكبش.

  وروى نحو قولنا عن مسروق وأبي حنيفة ويحيى بن أبي زائدة، وروى عن إبراهيم: ينحر بدنة، وعن عطاء فيمن حلف لينحرن نفسه: ينحر بدنة. فإذا ثبت ذلك في قوله: «لله علي أن أذبح ابني» ثبت في قوله: علي أن أذبح نفسي أو أخي؛ لأنه علق الذبح بمن لا يصح ذبحه ولا بيعه، وكذلك المكاتب وأم الولد للعلة التي ذكرناها.

  فأما إذا قال: «علي لله أن أذبح عبدي أو أمتي» فإنما أوجبنا عليه أن يجعل أثمانهما في الذبائح لأن البيع يصح فيهما، ولما صح أن يقول القائل إذا باع عبده أو فرسه فاشترى ذبائح بثمنهما: إني جعلتهما ذبائح، وجرى ذلك القول مجرى قوله: إني صرفت ثمنهما في ذبائح - كان قوله: «علي أن أذبحهما» جارياً مجرى قوله: «علي أن أجعل ثمنهما ذبائح» فلذلك قلنا: إنه يبيع العبد والأمة والفرس ويشتري بأثمانها ذبائح.


(١) في (أ، ب، ج): بن منصور. وظنن في (أ) بـ: عن منصور.

(٢) في (ب، د): فقال.