شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في اللواتي يحل ويحرم نكاحهن

صفحة 12 - الجزء 3

  وروى أبو داود في السنن بإسناده عن عامر، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ÷: «لا تنكح المرأة على عمتها، ولا العمة على ابنة أخيها، ولا المرأة على خالتها، ولا الخالة على ابنة أختها، لا تنكح الكبرى على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى»⁣(⁣١).

  وقلنا ذلك في الرضاع لقوله ÷: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»⁣(⁣٢).

مسألة: [فيمن أراد الزواج بامرأة لا يحل له الجمع بينها وبين التي تحته]

  قال: وأيما رجل كانت عنده امرأة وأراد أن يتزوج بأخرى لا يحل الجمع بينهما لم يكن له أن يتزوجها حتى يطلق التي عنده وتنقضي عدتها إن كانت التطليقة رجعية، وإن كانت بائنة جاز له أن يتزوج الأخرى وهي في عدته.

  وكذلك القول فيمن له أربع نسوة وأراد أن يتزوج أخرى.

  نص في الأحكام⁣(⁣٣) على ما ذكرنا في الأربع، ورواه عن جده القاسم #، وروى ذلك عنه فيمن كانت عنده امرأة فطلقها وأراد أن يتزوج أختها، فقلنا بذلك في كل امرأتين لا يحل الجمع بينهما؛ إذ لا فصل بين الأمرين، وهو قول الشافعي.

  قال أبو حنيفة: العدة في هذا الباب كالنكاح تمنع ما يمنع منه النكاح.

  والدليل على ذلك قول الله تعالى: {فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ}⁣[النساء: ٣] وقوله تعالى: {وَأَنكِحُواْ ٱلۡأَيَٰمَىٰ}⁣[النور: ٣٢] وقوله: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمۡ}⁣[النساء: ٢٤] فأباحت هذه الظواهر عقد النكاح لما ذكرنا.

  فإن قيل: فقد قال الله تعالى في التحريم: {وَأَن تَجۡمَعُواْ بَيۡنَ ٱلۡأُخۡتَيۡنِ}⁣[النساء: ٢٣].


(١) سنن أبي داود (٢/ ٩٠).

(٢) البخاري (٣/ ١٧٠)، ومسلم (٢/ ١٠٧٠).

(٣) الأحكام (١/ ٣٢٦، ٣٢٧).