باب القول في اللواتي يحل ويحرم نكاحهن
  قيل له: من ذكرناه لا يكون جامعاً بينهما؛ لأنه لا يملك المطلقة ولم يبق عقد نكاحه عليها، فكيف يكون جامعاً بينهما؟
  فإن قيل: [فإنه(١)] يحصل هناك ضرب من الجمع بينهما؛ لأنه يستحق ولدها وتلزمه نفقتها.
  قيل له: المراد بقوله: {وَأَن تَجۡمَعُواْ بَيۡنَ ٱلۡأُخۡتَيۡنِ} إنما هو في النكاح دون سائر الأحوال، وإذا كان هذا هكذا فليس الذي ذكرتم من الجمع المراد بالآية في شيء، على أن قوله تعالى: {وَأَن تَجۡمَعُواْ بَيۡنَ ٱلۡأُخۡتَيۡنِ} لا يمكن ادعاء العموم في الجمع؛ لأنه يقتضي جمعاً واحداً. وكذلك قال أصحابنا من المتكلمين في قوله ø: {يُضِلُّ مَن يَشَآءُ}: إنه لا يمكن ادعاء العموم في الإضلال(٢)، وإنه(٣) في حكم المجمل. وإذا كان هذا هكذا وجب أن يحمل على ما ثبت أنه هو المراد بالدلالة، وهو النكاح في الحرائر.
  فإن قيل: قد نهى ÷ عن نكاح المرأة على عمتها وخالتها.
  قيل له: النهي لا يتناول ما اختلفنا فيه؛ لأنه لا يقال: نكحها على عمتها إلا إذا كانت عمتها في نكاحه، فأما إذا ارتفع النكاح بينهما فاللفظ لا يتناوله.
  ولا خلاف أنها إذا انقضت عدتها جاز التزوج(٤) بأختها، فكذلك إذا كانت في العدة، والعلة أنها لا تحل إلا بعد عقد جديد. وهذا القياس أولى من قياسهم لها عليها لو كانت في عدة تطليقة رجعية؛ لأن التي تكون في عدة تطليقة رجعية في حكم الزوجة؛ لأنه يملك وطأها ويجري بينهما توارث الزوجية، وليس كذلك البائن، بل هي بالأجنبية أشبه، بل أبعد حالاً من الأجنبية؛ لأن المطلقة
(١) ما بين المعقوفين من (أ).
(٢) في (أ، ج): الضلال.
(٣) في (د): لأنه.
(٤) في (أ): التزويج.