شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 22 - الجزء 3

  فإن قيل: فقد روي عن جابر عن النبي ÷ قال: «أحل لنا ذبائح أهل الكتاب، وأحل لنا نساؤهم، وحرم عليهم أن يتزوجوا نساءنا».

  قيل له: هذا حديث ضعيف لا نعرفه، مع أنه مع ضعفه يمكن أن يتأول فيقال: أحل لنا ذبائحهم ونساؤهم إذا أسلموا، وحرم عليهم نساؤنا ما داموا على الكفر، وتكون الفائدة فيه ما ذكرناه في الآية.

  وأجمع أكثر أهل العلم على أن المسلم لا يجوز له نكاح المجوسية، ولا خلاف أنه لا يجوز له نكاح الوثنية، فكذلك نكاح الكتابية قياساً عليهما، والعلة أنها كافرة. ولا خلاف أيضاً أن الذمي لا يجوز له نكاح المسلمة، فكذلك المسلم لا يجوز له نكاح الذمية قياساً عليه، والعلة أنهما على ملتين مختلفتين، أو يقال: إنهما لا يتوارثان مع صحة كون كل واحد منهما وارثاً وموروثاً. وأيضاً وجدنا الرضاع لما كان طروءه على النكاح مفسداً له وجب أن يمنع الصحة مما يطرأ عليه من النكاح، فوجب أن يكون الكفر يمنع من صحة ما يطرأ عليه من نكاح المسلم قياساً على الرضاع؛ لأن طروءه على نكاح المسلم يفسده.

  ولا خلاف بيننا وبين الشافعي في أن المسلم لا يجوز له نكاح الأمة الكتابية، والعلة أنها كافرة.

  ويكشف أن العلل التي ذكرناها بها يتعلق الحكم في الأصول التي قسنا عليها أنه يوجد بوجودها ويعدم بعدمها، وكل قد اعتبر الكفر على بعض الوجوه لإبطال النكاح.

  فإن قيل: وجدنا الكفر على ثلاث طبقات: منها أغلظ، وأوسط، وأخف، فأما الأغلظ كفراً فهم عبدة الأوثان، ألا ترى أنهم لا تؤخذ الجزية منهم ولا يقرون على دينهم؟ والأوسط كفراً هم المجوس؛ لأنهم مقرون على دينهم،