باب القول في اللواتي يحل ويحرم نكاحهن
  الذي ذكرناه ووصفناه، وإنما الخلاف فيه إذا لم يقع على هذا الوجه، وسنبينه فيما بعد في موضعه إن شاء الله تعالى.
مسألة: [في جواز زواج المرأة بغير كفء إذا رضيت ورضي وليها]
  قال: ولا بأس أن تتزوج المرأة غير كفء إذا رضيت ورضي الولي تخريجاً، وإن أبى ذلك الولي لم يجز، قال في الأحكام(١) في ذكر الأكفاء: «والأولياء هم الناظرون في أمرهن، والمتخيرون لحرماتهم». فنبه على أن لهم الخيار في ذلك، فلا يكون ذلك إلا بموافقة المرأة؛ فلذلك قلنا: إنهم إذا رضوا بغير كفء ورضيت المرأة جاز النكاح. ثم قال: «وإن كرهوا أحداً لم يلزموا». فكان ذلك نصاً في أن لهم منعها من أن تنكح غير كفء.
  وروى أبو العباس الحسني عن محمد بن منصور قال: سمعت القاسم # يقول: لو أن رجلاً كان من أبناء الفرس ممن يُرضى دينه رأيت أن أزوجه عربية(٢).
  فكان ذلك نصاً فيما ذكرناه من أن المرأة والأولياء إذا تراضوا بمن ليس بكفء جاز النكاح، وهو قول عامة العلماء، وحكي عن قوم أنه لا يجوز.
  والذي يدل على ذلك قول الله تعالى: {وَأَحَلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمْ}[النساء: ٢٤] وقوله سبحانه: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ اَ۬لنِّسَآءِ}[النساء: ٣] فلم يستثنِ ذات حسب من غيرها.
  وروى أبو دواد في السنن بإسناده عن أبي هريرة أن أبا هند حجم رسول الله ÷ في اليافوخ(٣)، فقال النبي ÷: «يا بني بياضة، أنكحوا أبا هند
(١) الأحكام (١/ ٣٣٢).
(٢) وهو في أمالي أحمد بن عيسى (٣/ ٢٦).
(٣) هو حيث التقى عظم مقدم الرأس ومؤخره. (قاموس).