باب القول في اللواتي يحل ويحرم نكاحهن
مسألة: [في الكفاءة]
  قال: والكفء يكون في النسب والدين جميعاً.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١)، ومروي فيه عن القاسم #، وقال في الأحكام: «الكفء في الدين والنسب فقط»؛ فدل على أنه لا يراعي غيرهما.
  وجعل زيد بن علي $ الكفء في الدين لا غيره(٢)، وهو قول الناصر #.
  قال أبو حنيفة: الكفء في المال والحسب والدين، وقال أبو يوسف نحوه، وزاد الصناعات، وقال محمد: هو في الحسب والمال، ولم يراع الدين.
  والذي يدل على أن الدين يجب أن يكون مراعى في الأكفاء هو ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»(٣) فراعى ÷ الدين، ولم يأمر بالإنكاح إلا إذا كان(٤) الخاطب ممن يرضى دينه. وأيضاً وجدنا الإنسان يشرف من جهتين: إحداهما: أفعاله، والثانية: أحواله التي هي غير أفعاله، فلما ثبت أن لأعلى الأحوال التي هي غير أفعاله مدخلاً(٥) في الأكفاء - وهو النسب - وجب أن يكون لأعلى الأفعال أيضاً مدخل فيه، وهو الدين، والعلة أنه إحدى جهتي شرفه. على أنا وجدنا الدين له مدخل في إفساد النكاح، فهو الأولى أن يكون معتبراً(٦) به في الأكفاء، ويعضده قول الله تعالى: {لَّا تَجِدُ قَوْماٗ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ اِ۬لْأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اَ۬للَّهَ وَرَسُولَهُۥ}[الحشر: ٢٢] وقد علمنا أن الإنكاح هو
(١) الأحكام (١/ ٣٣٢).
(٢) في (أ، ج): لا غير.
(٣) أخرجه الترمذي (٢/ ٣٨٦) وابن ماجه (١/ ٦٣٢).
(٤) في (أ، ج): إلا أن يكون.
(٥) في (ج، د): أن أعلى الأحوال التي هي غير أفعاله كان مدخلاً.
(٦) في (د): المعتبر.