شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 33 - الجزء 3

  وروي أن أم سلمة لما خطبها النبي ÷ قالت: إنه لم يحضر أحد من أوليائي، فقال النبي ÷: «ليس أحد من أوليائك حضر أو غاب إلا وهو يرضاني»⁣(⁣١)، فبين أن الأحوال التي هو عليها ÷ مما يجب معها على الأولياء الرضا به، فلو لم يكن لرضاهم معتبر لم يقل ذلك، ولقال: وما في حضورهم وغيبتهم؟

  ويدل على ذلك قول الله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ اُ۬لنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَّنكِحْنَ أَزْوَٰجَهُنَّ إِذَا تَرَٰضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِۖ}⁣[البقرة: ٢٣٢] وليس ها هنا معروف يتعلق في المناكحة⁣(⁣٢) بالأولياء إلا النظر في الأكفاء، فدلت الآية على أن الأولياء لا يمنعونهن أن ينكحن بشرط أن يضعن أنفسهن في الأكفاء. على أنه ليس من المعروف أن تضع الشريفة نفسها في دعي وما أشبهه.

  وروي عن سلمان أنه قال: أمرنا أن ننكحكم ولا ننكح إليكم⁣(⁣٣). مع أنه قد خطب إلى عمر ابنته، فدل ذلك⁣(⁣٤) على أن المراد بذلك إذا لم يرض به الأولياء.

  وروي عن عطاء عن جابر قال: قال رسول الله ÷ «لا تُزَوِّجُنَّ النساء إلا من الأكفاء، ولا مهر دون عشرة دراهم»⁣(⁣٥)، وإذ⁣(⁣٦) قد ثبت فيما مضى جواز نكاح من ليس له بكفء دل على أن المراد في هذا⁣(⁣٧) إذا كره الأولياء.

  وعن عمر قال بحضرة الصحابة: «لأمنعنَّ ذوات الأحساب ألا يزوجن إلا من الأكفاء»⁣(⁣٨)، ولم يُخَالَف فيه؛ فثبت ما قلناه.


(١) أخرجه النسائي (٦/ ٨١) وأحمد في المسند (٤٤/ ١٥٠).

(٢) في (أ): بالمناكحة.

(٣) أخرج نحوه البيهقي في السنن (٧/ ٢١٧) وسعيد بن منصور في السنن (١/ ١٩٢).

(٤) في (أ، ج): بذلك.

(٥) أخرجه الدارقطني في السنن (٤/ ٣٥٨) والبيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٢١٥).

(٦) في (د): وإذا.

(٧) في (د): هذه.

(٨) الدارقطني في السنن (٤/ ٤٥٧) بلفظ: «لأمنعن تزوج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء».