شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في اللواتي يحل ويحرم نكاحهن

صفحة 38 - الجزء 3

  والثالث: قوله ÷: «إنما يحرم ما كان نكاحاً حلالاً»، و «إنما» إذا دخل في الكلام دل على تخصيص الحكم بما تعلق⁣(⁣١) به، فثبت أن ما لم يكن نكاحاً حلالاً لا يقع به التحريم.

  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُم}⁣[النساء: ٢٢] والنكاح اسم للوطء، فكأنه تعالى نهى عن وطء من وطئها الآباء، وفي هذا ثبوت ما نذهب إليه.

  قيل له: إن النكاح حقيقة عرفاً وشرعاً للعقد، وهو في الوطء قد صار اتساعاً؛ بدلالة أنه إذا قيل: «فلان نكح فلانة» لم يعقل منه إلا العقد، وكذلك الإنكاح لا يعقل منه إذا أطلق إلا العقد، وكل تحليل أو تحريم علق بضرب من النكاح في الشرع فليس يرجع به إلا إلى العقد، والآيات التي ذكر فيها النكاح المراد بها العقد، نحو قوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَّنكِحْنَ أَزْوَٰجَهُنَّ}⁣[البقرة: ٢٣٢] وقوله سبحانه: {فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ}⁣[النساء: ٢٥] وقوله: {إِذَا نَكَحْتُمُ اُ۬لْمُؤْمِنَٰتِ}⁣[الأحزاب: ٤٩] وقوله: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ اَ۬لنِّسَآءِ}⁣[النساء: ٣] وقوله: {وَأَنكِحُواْ اُ۬لْأَيَٰمَيٰ مِنكُمْ}⁣[النور: ٣٢]. وكذلك قول النبي ÷: «لا نكاح إلا بولي وشاهدين»⁣(⁣٢) المراد به العقد لا خلاف فيه، وكذلك ما روي عنه ÷ «أنه نهى عن نكاح السر⁣(⁣٣)، وعن نكاح الشغار⁣(⁣٤)، ونكاح المتعة»⁣(⁣٥)، وكل ذلك يحقق أن إطلاق العرف والشرع يوجب أن النكاح هو العقد، فإذا⁣(⁣٦) ثبت ذلك ثبت أن المراد بقوله: {وَلَا


(١) في (د): علق.

(٢) أخرجه عبدالرزاق في المصنف (٦/ ١٩٦) والدارقطني في السنن (٤/ ٣١٥).

(٣) أخرجه الطبراني في الأوسط (٧/ ٦٨).

(٤) أخرجه البخاري (٧/ ١٢) ومسلم (٢/ ١٠٣٤).

(٥) أخرجه البخاري (٧/ ١٢) ومسلم (٢/ ١٠٢٦).

(٦) في (أ، ج): وإذا.