كتاب النكاح
  بل كان يلزمنا ذلك؟ فدل على أنه حرام؛ ولذلك استدل كثير من أصحابنا المتكلمين على أن في أفعال الأطفال والبهائم ما يقبح بحسن منعنا لهم من كثير من الأفعال.
  ويدل على ذلك أنه وطء لا يجوز للواطئ المقام عليه مع علمه بصفته التي هو عليها، فوجب أن يكون حراماً؛ دليله الزنا والوطء في الحيض والإحرام وغير ذلك من الوطء المحرم، فإذا صح أنه حرام بما بيناه تناوله العموم على ما ذكرناه.
  ومما يدل على أن هذا الوطء لا يقع به التحريم ما أجمعنا والشافعي عليه من أن الزنا لا يقع به التحريم، فكذلك ما اختلفنا فيه، والعلة أنه وطء لم يصادف نكاحاً ولا ملكاً على صحة أو شبهة؛ فوجب ألا يقع التحريم به قياساً على الزنا.
  فإن قاسوه على الوطء الذي يقع منه لشبهة النكاح أو الملك [كان ذلك شاهداً لقياسنا؛ لأن ذلك الوطء لما صادف شبهة النكاح أو شبهة الملك](١) اقتضى التحريم، والزنا لما لم يصادف ذلك لم يقتضِ التحريم.
  ويمكن أن يقال: إنه وطء لا يوجب تحريم الجمع فوجب ألا يوجب التحريم المستدام؛ دليله الزنا.
  ويؤيد ما ذهبنا إليه: أن هذا الوطء بالزنا أشبه منه بالوطء في النكاح، وإن كان يشبه الوطء في النكاح في(٢) وجوه، وذلك أن الزنا فارق سائر وطء النساء، وإن شارك في التحريم كثيراً(٣)، منه أنه لا تستباح الموطوءة بالزنا إلا بتجديد النكاح أو الملك، والوطء الذي اختلفنا فيه شارك الزنا في هذا، فوجب أن تكون هذه الشبهة أقوى من سائر الشبه وإن كثر؛ لأنه مشابه للزنا في الصفة التي تخصه.
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٢) في نسخة في (د): من.
(٣) ظنن في (د): بـ: «كثير».