شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في اللواتي يحل ويحرم نكاحهن

صفحة 45 - الجزء 3

  وما ذهبنا إليه في هذه المسألة هو قول أمير المؤمنين #، وروي عنه أنه قال: (أيما امرأة ابتليت فلتصبر حتى تستبين بموت أو طلاق)⁣(⁣١).

  والأصل فيه أنه نكاح ثابت فلا يصح إبطاله إلا بيقين أو ما يقوم مقامه في الشرع من الشهادة، ألا ترى أن هذا هو الأصل في جميع الأشياء، نحو أن يكون أسيراً في يد عدو، أو مقيماً في بلد قصي أن امرأته تكون على جملته، فكذلك إذا لم تعرف خبره؛ لأنها في الحالين لم تعلم انقطاع العصمة بينها وبينه.

  ولا خلاف أن الواجب عليها قبل أربع سنين المقام على جملة النكاح، فكذلك بعدها، والعلة أنها زوجة المفقود أو العلة الأولى، ويكشف⁣(⁣٢) صحة هذه العلة أنها إذا علمت بانقطاع العصمة جاز لها أن تتزوج في جميع الأحوال، وإذا لم تعلم لم يجز، فبان أن الحكم به متعلق.

  ولا خلاف أن زوجها وإن طالت غيبته لا يجوز له أن يتزوج بأختها، وإن كان تحته أربع لم يجز له أن يتزوج سواهن، فكذلك المرأة ليس لها أن تتزوج، والمعنى بقاء حكم الزوجية بينهما، ولسنا نعني ببقاء حكم الزوجية بينهما غير أن زوالها لم يثبت.

  فإن قيل: لا ضرر على الزوج؛ فإنه يمكنه أن يطلقهن، وليس كذلك حال المرأة، والأصل أن الضرر يجب أن يدفع؛ لقوله ÷: «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام»⁣(⁣٣).

  قيل له: هذا ينتقض بامرأة الأسير أو المقيم بالبلد النازح، ولا خلاف أن الواجب عليها الصبر على احتمال ذلك الضرر، وقوله ÷: «لا ضرر» لا يختص المرأة، بل يجب أن تمنع المرأة من النكاح لئلا تدخل الضرر بذلك على الزوج.


(١) أخرجه عبدالرزاق في المصنف (٧/ ٩٠) بلفظ: (هي امرأة ابتليت، فلتصبر حتى يأتيها موت أو طلاق).

(٢) في (أ): والعلة الأولى تكشف.

(٣) أخرجه الطبراني في الأوسط (٥/ ٢٣٨).