شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في اللواتي يحل ويحرم نكاحهن

صفحة 46 - الجزء 3

  وقد حكي عن أبي حنيفة أنه قال: إذا بلغ عمر المفقود مائة وعشرين سنة حكم بموته. وهذا لا معنى له؛ لأن مائة وعشرين سنة في هذا الباب كمائة وخمس عشرة سنة، وكمائة وخمس وعشرين وثلاثين، فلا وجه لهذا التحديد، ولا يمكن أن يعتمد لصحة هذا القول ما يحكى عن الأطباء المتفلسفة أن ذلك هو النهاية في العمر؛ لأن قولهم في هذا الباب ليس عن أصل صحيح، وإنما هو ظن وحسبان، والشرع لا يجوز أن يبنى على الظن، وقد أخبر الله تعالى أن نبيه نوحاً # لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً.

مسألة: [في الرجل تقوم الشهادة بموته فتتزوج امرأته ثم يرجع]

  قال: فإن قامت الشهادة بموته فتزوجت ثم رجع فهو أحق بها من الذي تزوجها ثانياً، وعلى الثاني المهر بما استحل من فرجها، ولا يقربها الأول حتى تستبرئ من ماء الثاني، فإن كانت حاملاً من الآخر لم يدن منها الأول حتى تضع ما في بطنها، فإن لم تضع حتى طلقها الأول انتظرت بنفسها حتى تضع وتطهر من النفاس ثم تعتد من الأول ثلاث حيض مستقبلة، وللأول مراجعتها ما دامت في العدة، فإذا خرجت من العدة نكحت أيهما شاءت أو غيرهما.

  وجميع ذلك منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١).

  ما قلناه من أن الزوج الأول أحق بها لا أحفظ فيه خلافاً بين الفقهاء، وإن كان يحكى ذلك عن عمر.

  وما ذهبنا إليه هو قول علي #، أخبرنا بذلك أبو الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا الناصر #، قال: حدثنا الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد، عن أبي معاوية، عن أبي إسحاق الشيباني، عن الشعبي في رجل غاب عن امرأته فبلغها أنه مات فتزوجت ثم جاء الزوج الأول؛ قال عمر: «يخير


(١) الأحكام (١/ ٣٢٨، ٣٢٩).